الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أن أباك قد اتخذ الجراش من عمارة جدك مكتباً، وأدخل له المياه والكهرباء، وكان يدفع بانتظام الإيجار الذي حدده جدك، ثم لما أراد أبوك التخلي عن الشقة (الجراش) طلب من جدك المصاريف التي كان قد صرفها في المياه والكهرباء ونحو ذلك، فرفض جدك ولم يعطه ذلك، فلجأ أبوك إلى شخص آخر، وولاه استئجار الشقة (الجراش) طالباً منه أن يعطيه النفقات التي صرفها هو في تجهيز الشقة، فرفض الجد ذلك وأعطى لأبيك المبلغ الذي كان يطلبه.
ثم بعد وفاة الأب منع أخوالك أمك من أي نصيب من تلك العمارة بحجة أن زوجها كان قد أخذ نصيبها في الشقة، وأن زوج أختها هو الذي دفع له نصف الثمن، وأن الجد كتب عقد الإيجار للخالة، ثم ذكرت أن كل فرد من أبناء جدك قد استفاد من شقة يسكنها ويدفع إيجارها، إلا أمك فإنها لم تستفد من شيء من ذلك، وقد رجحنا في شرحنا لسؤالك أن الضمير في قولك: وبعد وفاته، تشير به إلى أبيك، لأن الجد لو كان هو المتوفى لما كان من المتصور أن يستمر دفع الإيجار له.
فإذا كان هذا التكييف لسؤالك هو ما قصدته أنت، فإن من حق أمك أن تحصل على شقة كسائر إخوتها، وإن لم يفعل جدك ذلك فإنه يكون قد ظلمها بتخصيصه لكل فرد من أولاده شقة يسكنها ويدفع إيجارها إلا هي، فالمرجح عند المحققين من أهل العلم هو أن العدل بين الأولاد في العطية واجب على الأب، لما في الصحيحين عن النعمان بن بشير أنه قال: نحلني أبي نحلا ثم أتى بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهده، فقال أكل ولدك أعطيته هذا قال لا، قال أليس تريد منهم البر مثل ما تريد من ذا، قال بلى، قال فإني لا أشهد. وهذا لفظ مسلم.
وأما لو كان المتوفى الذي أشرت إليه بقولك: وبعد وفاته، هو جدك، فإن أمك لها الحق في تركته بقدر سهمها منها، وليس لأحد إسقاط ذلك الحق.
والله أعلم.