الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا نرى أن ما أضفته إلى السؤال من توضيح، وما طرحته من استفسارات يضيف شيئا إلى ما كنا قد أجبنا به.
ذلك أننا -كما نصحك صديقك- لا نهتم بنوايا النظم الحاكمة في البلدان؛ لأن السياسة بين الحكام والمحكومين ليست من ضمن اختصاصنا، وإنما مركزنا هذا "مركز الفتوى" مختص بالإجابة عن الأسئلة والاستفسارات في المجالات الشرعية، لا غير.
هذا بالنسبة لتلك الفقرة التي ابتدأت بها، وفيما يخص الاستفسارات التي ختمت بها السؤال، فقد بينا لك أن المعاملات التي تنعقد بين المستفيدين من الميزات وبين الممولين، إنما نراها أكلا للمال العام بغير حق، وأن كل من شارك فيها من قريب أو بعيد يعتبر متعاونا على الإثم.
واستثنينا أولئك الذين ذكرت أنهم في ضيق من العيش، وقلنا إنهم إن لم يصرف عليهم من المال العام ما يزيل الضيق عنهم، كان من حقهم إزالة الضرر عن أنفسهم بأخف الحلول ضررا.
ونضيف هنا أن من دخل في تلك المعاملات جاهلا حرمة الدخول فيها، ثم تاب بعد علمه حكمها، كان مباحا له أن ينتفع بما استفاده منها؛ لأن الله تعالى يقول في حق المال المكتسب من الربا: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة :275]. والأورع له أن يتخلص منه في شيء من أوجه الخير والبر، أو في المصالح العامة للمسلمين.
وأما من دخل فيها وهو يعلم تحريمها، فإن من توبته أن يتخلص مما استفاده منها في أوجه الخير؛ لأن ذلك هو سبيل التخلص من المال الحرام.
فانظر في أي هذه الحالات تدخل حالتك.
والله أعلم.