الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا ينبغي للمسلم أن يكون كثير الحلف، وإذا أراد أن يحلف حلف بالله تعالى، ثم إنه لا كفارة هنا بالنسبة لليمين الأولى عند أكثر أهل العلم لأنها من لغو اليمين.
قال ابن قدامة في المغني: (وَمَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ يَظُنُّهُ كَمَا حَلَفَ، فَلَمْ يَكُنْ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ) أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا. قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. انتهى.
وكذلك الأمر بالنسبة للشق الأخير من السؤال فإن الظاهر أن هذه الأيمان التي تأتي بدون شعور تعتبر من لغو اليمين ولا كفارة فيها، قال ابن قدامة في المغني: (وَالْكَفَّارَةُ إنَّمَا تَلْزَمُ مَنْ حَلَفَ يُرِيدُ عَقْدَ الْيَمِينِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْيَمِينَ الَّتِي تَمُرُّ عَلَى لِسَانِهِ فِي عَرَضِ حَدِيثِهِ، مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إلَيْهَا، لَا كَفَّارَةَ فِيهَا، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ ; لِأَنَّهَا مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ. نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: اللَّغْوُ عِنْدِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْيَمِينِ، يَرَى أَنَّهَا كَذَلِكَ، وَالرَّجُلُ يَحْلِفُ فَلَا يَعْقِدُ قَلْبَهُ عَلَى شَيْءٍ. انتهى.
ولمزيد التوضيح تراجع الفتوى رقم: 11096، لكن على الأخت السائلة أن تحفظ يمينها فلا تحلف إلا عند الحاجة، ولا تحلف إلا على ما تعتقد صحته.
أما إن كانت تكثر الحلف بالله تعالى بقصد اليمين فهنا لا يخلو حالها من أن تحلف على شيء تظنه ثم يتبين خلافه، وهذا لا كفارة فيه؛ لأنه من لغو اليمين كما هو الحال في السؤال الأول، وكذلك لا كفارة في اليمين الكاذبة عند الجمهور وهي يمين الغموس. وإن كانت تحلف على فعل الأمر أو عدم فعله في المستقبل ثم يبدو لها العدول عنه فهنا إن حنثت وجبت عليها الكفارة، والحنث هو: فعل ما حلف ألا يفعله، أو ترك ما حلف أن يفعله. ولتنظر الفتوى رقم: 79783، ففيها بيان ما يترتب على تعدد الأيمان واتحاد المحلوف عليه أو تعدده أو اتحاد اليمين مع تعدد المحلوف عليه. ولبيان كفارة اليمين يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 2053.
والله أعلم.