الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه الأسئلة كلها تدور حول أمرين هما:
1. السؤال عما إذا كان يصح احتساب الأجر عند الله في جميع أعمال الخير التي سوف يفعلها المرء في حياته.
2. احتساب الأجر عند الله في جميع أعمال الخير التي كان الشخص قد فعلها من قبلُ.
وحول النقطة الأولى فالظاهر –والله أعلم- أن احتساب الأجر عند الله في جميع أعمال الخير التي سوف يفعلها المرء في حياته يصح، لكنه لا يكون مأجورا على جميع ما يصدر منه من الأعمال بمجرد تلك النية، إلا فيما لا يحتاج إلى نية التقرب كالتسبيح والأذان ونحو ذلك؛ لأن هذا النوع يثاب عليه الإنسان وإن لم ينو به القربة إذا خلا من النية الفاسدة.
وأما ما سوى هذا النوع، فإن كان عبادة تشترط لها النية فلا يصح إلا بنية عند الشروع فيه لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليه.
ومن المعلوم أن وقت النية أول العبادة. قال السيوطي في الأشباه والنظائر في وقت النية: الأصل أن وقتها أول العبادة. اهـ
وإن كان مما لا تتوقف صحته على نية مثل الإنفاق على العيال وقضاء الديون ونحو ذلك... فالمصحح من أقوال أهل العلم أن فاعله لا يؤجر عليه إلا باستحضار النية له. قال صاحب المراقي:
وليس في الواجب من نوال * عند انتفاء قصد الامتثال
فيما له النية لا تشتــرط * وغير ما ذكرته فغلـط
وحول النقطة الثانية، فليس من المتصور أن يصح احتساب الأجر عند الله في جميع أعمال الخير التي كان الشخص قد فعلها من قبلُ خالية عن الاحتساب، إذ لو كان ذلك ممكنا لما كان من داع إلى تحصيل نية الاحتساب قبل الشروع، طالما أن حصولها بعد الفعل يكفي.
والله أعلم.