الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز الجمع بين صلاة المغرب والعشاء عند الشافعي إلا عند وجود عذر شرعي وهو السفر أو المطر، وزاد بعض أصحابه الخوف والمرض والوحل والريح والظلمة، واختار النووي من هذه المرض.
وأما الجمع بغير ذلك فلا يصح عند الشافعي ولا أصحابه، قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في الأم عن الجمع في الحضر: والجمع في المطر رخصة لعذر وإن كان عذر غيره لم يجمع فيه، لأن العذر في غيره خاص وذلك المرض والخوف وما أشبهه، وقد كانت أمراض وخوف فلم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع.
والجمع بين الصلاتين عند الحاجة هو مذهب الحنابلة.
وأما الجمع لغير حاجة دون أن يتخذ ذلك عادة دائمة فجائز عند بعض أهل العلم كابن سيرين وربيعة وأشهب وابن المنذر والقفال الكبير، وحجتهم ما رواه مسلم قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر. قيل لابن عباس: ماذا أراد بذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته.
فهذه خلاصة كلام أهل العلم في المسألة.
أما ما قاله عن الشافعي وأن له مذهبين مذهبه القديم في العراق والجديد في مصر فكلام صحيح، فقد تغير اجتهاد الإمام الشافعي رحمه الله في مصر في كثير من مسائل العلم، فرجح خلاف ما كان يرجحه في العراق، وبقي في مسائل أخرى على ما ذهب إليه في العراق والعبرة بآخر الأمرين، ولذا فإن مذهب الشافعي الذي ينسب إليه هو ما استقر عليه اجتهاده في مصر وإن كان قد خالف ما ذهب إليه في العراق، وخرج عن هذه القاعدة مسائل رجح أصحاب الشافعي القول القديم فيها فهم يفتون بها..
والله أعلم.