الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا ريب أن تحري الرزق الحلال مما أمر الله به عباده المؤمنين، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ. وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ . ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك.
فشكر الله للأخ السائل تحريه وحرصه على أن يكون مكسبه حلالا، لكن لا يصلح أن يحمله ذلك على البطالة والقعود أو على اليأس والقنوط، فأرض الله واسعة والحلال متوفر ولكن يحتاج إلى همة عالية وسعي دؤوب.
ولا ينبغي إذا قرأنا في سير السلف أن نعيش مشاكلهم، فكل زمان له مشاكله وله أسباب رزق مختلفة وله ظروف مغايرة.
فالذي يأخذ من سير السلف هو القدوة الحسنة في تحري الرزق الحلال، أما وسائله وطرقه فهذه متروكة لنا نحن، ولا يستقيم أن ننتظر من سيرة السلف أن تدلنا على أسباب الرزق في زمن لم يعيشوا فيه، فالمقصود أن المطلوب من الأخ السائل أن يخرج إلى الحياة ويمشي في الأرض ليأكل من رزق الله الحلال، ولا يمكننا هنا أن نذكر له أمثلة تفصيلية لوجوه الرزق الحلال فهذا يعود إلى ظروف كل بلد وكل شخص.
أما عن المعاملات المشتملة على قروض ربوية أو قمار ونحو ذلك فهذه يجب اجتنابها إلا لمضطر، كما قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119}
والله أعلم.