الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأذن ليست من الوجه في باب العورة بلا خلاف حسبما اطلعنا عليه، فيجب على المرأة ستر أذنيها، قال الزيلعي في تبيين الحقائق: وأذن المرأة عورة، وفي المصنف لابن أبي شيبة قال: حدثنا معتمر عن هشام عن الحسن قال: إذا بلغت المرأة الحيض ولم تغط أذنها ورأسها لم تقبل لها صلاة.
وفي مشكل الآثار للطحاوي عند مناقشة الكلام في الأذنين هل هما من الرأس أم من الوجه في الوضوء؟ قال: وأما من طريق النظر، فإنا قد رأيناهم لا يختلفون أن المحرمة ليس لها أن تغطي وجهها، ولها أن تغطي رأسها، وكل قد أجمع أن لها أن تغطي أذنيها ظاهرهما وباطنهما، ودل ذلك أن حكمهما حكم الرأس في المسح لا حكم الوجه. انتهى.
وأما الحديث المشار إليه فلعله ما يستدل به بعض أهل العلم على كون الأذنين من الوجه فيجب غسلهما وهو حديث عائشة: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد قال في سجوده: اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، أنت ربي، سجد وجهي للذي شق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين. رواه ابن ماجه وصححه الألباني، قال المباركفوري في تحفة الأحوذي، قلت: حديث عائشة هذا ليس بنص على أن الأذنين من الوجه، ولم أقف على حديث صريح يدل على كون الأذنين من الوجه، ثم لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم غسل الأذنين؛ وإنما الثابت عنه صلى الله عليه وسلم هو مسح الأذنين فقط، فالقول الراجح المعول عليه هو أن الأذنين من الرأس لأحاديث الباب، ويدل عليه حديث الصنابحي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض خرجت الخطايا من فيه. وذكر الحديث وفيه: فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه. رواه مالك والنسائي وابن ماجه، قال ابن تيمية في المنتقى: فقوله: تخرج من أذنيه إذا مسح رأسه دليل على أن الأذنين داخلتان في مسماه ومن جملته. انتهى.
وعلى كل فهذا الحديث إنما يذكر في باب الوضوء والغسل لا في باب ستر العورة، وقد ذكرنا أن الراجح هو وجوب تغطية الوجه كله، كما في الفتوى رقم: 1111، والفتوى رقم: 5224.