الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في سجود التلاوة في الأوقات المنهي عن صلاة التطوع فيها، ومنها ما بعد العصر، فظاهر مذهب الحنفية والصحيح من مذهب الحنابلة هو أنه لا سجود للتلاوة في الأوقات المنهي فيها عن صلاة التطوع؛ لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس. رواه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، ومذهب المالكية جواز السجود بلاكراهة بعد صلاة الفجر حتى الإسفار، وبعد العصر حتى تصفر الشمس.
ومذهب الشافعية وهو رواية لأحمد: أنه يسجد للتلاوة في أوقات النهي، لأنه من جملة الصلوات ذوات الأسباب، وهذا القول الأخير هو الراجح، قال ابن القيم في إعلام الموقعين: وحديث النهي عن الصلاة في أوقات النهي عام مجمل، قد خص منه عصر يومه بالإجماع، وخص منه قضاء الفائتة والمنسية بالنص، وخص منه ذوات الأسباب بالسنة كما قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- سنة الظهر بعد العصر، وأقر من قضى سنة الفجر بعد صلاة الفجر، وقد أعلمه أنها سنة الفجر، وأقر من صلى في رحله ثم جاء مسجد جماعة أن يصلي معهم وتكون له نافلة، وقاله في صلاة الفجر وهي سبب الحديث، وأمر الداخل والإمام يخطب أن يصلي تحية المسجد قبل أن يجلس. انتهى.
والله أعلم.