الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعدم الاختلاط بالنساء هو الذي يجب على الشاب العمل به، وأما الاختلاط بهن على وجه غير شرعي فهو أمر غير شرعي، وفتنة عظيمة، ففي الحديث: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. كما في الصحيحين وغيرهما. فينبغي أن يكون تعاملك معهن على قدر الحاجة، مع غض البصر، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 2096.
وأما الفتاة التي أعجبك خلقها، فلا يكفي الخلق بغير دين، فلا بد أن يعجبك دينها، فإذا كانت مرضية في الدين فاظفر بها، وأما بشأن ما تشعر به من حساسية تجاه علاقتها السابقة بذلك الشاب، فهذه تسمى غيرة، والغيرة أمر طبيعي، وليست مشكلة فيك، بل هي خصلة من خصال الرجولة والإيمان، لكنها إذا زادت عن حدها انقلبت ضدها، فالمشكلة ليست في الغيرة ذاتها بل في زيادتها عن الحد، فاعرف حدود الغيرة الشرعية والزمها، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 71340.
ومسألة ارتباطها بالشاب لا يقدح في دينها إذا كان مجرد اتفاق على الزواج، ولم يحصل خلاله ما يخشى منه، وهذا ما نظنه بها، وما ينبغي أن تظنه، لأن الأصل في المسلم السلامة، ولا داعي للحساسية من مثل هذا الأمر، فإن المرأة تتزوج وتنجب من الرجل، فيحصل الطلاق، فيتزوجها آخر فيسعد معها وتسعد معه، وتنسى الأول، فما بالك بمجرد ارتباط، وكونها غير اجتماعية وانطوائية على حد قولك فهذه طبيعة بعض الأشخاص ولا يسبب ذلك تأثيرا على علاقتهم الزوجية، بل كونها انطوائية أدعى أن تكون غير منبسطة في العلاقة مع الشاب الذي ارتبطت به ومع غيره من الرجال.
وحول سؤالك عن الحب نقول: الحب المأذون فيه شرعاً إنما يكون للزوجة وقد سماه الله عز وجل مودة ورحمة، فهذا هو الحب الشرعي الذي يدوم، وما سواه مما يسمى حبا لغير الزوجة، فهو عشق محرم، وتعلق بالصور، يشغل قلب صاحبه وفكره عما ينفعه في دينه ودنياه، ويجره إلى ما لا تحمد عقباه، وعليه أن يحارب هذا الشعور، ويقطع أسبابه، وانظر الفتاوى المتعلقة بداء العشق وكيفية العلاج منه، ومنها الفتوى رقم: 9360.
واعلم أن عدم الاختلاط بالنساء على الوجه الممنوع أمر محمود ويؤجر صاحبه عليه إن تركه اتقاء وابتغاء مرضاة الله تعالى وامتثالاً لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك، فينبغي لك أن تحمد الله وتشكره أن عصمك منه وعافاك، فإن هذه العلاقات بلاء ووبال على أصحابها باعترافهم، واعلم أن هذا الشعور سيزول بعد الزواج، وأن خير حل لما تعاني منه هو الزواج، فعليك به، والله سبحانه سيعينك عليه، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 23244.
ومسألة هل الزواج يكون بالعقل أم بالعاطفة، لا شك أن الزواج أمر يحتاج إلى تأنٍ وحسن اختيار، واستشارة واستخارة، وأما العاطفة فإنها تأتي بعد الزواج -إن شاء الله تعالى- إن أحسن الشخص الاختيار وراعى الدين والخلق، وإذا وجدت قبله فهي خير وبركة، ولا ينبغي أن تكون هي الأساس الوحيد الذي يبني عليه الشاب اختياره، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه.
والله أعلم.