الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسائل لم يذكر لنا صيغة هذا الطلاق الذي أوقعه على زوجته، وهل كان ينوي به البينونة -كما هو الظاهر- أم أنه يقصد الطلاق فقط، وعلى كل حال فهذا الطلاق واقع ما دام بلفظ صريح ونية ديانة وقضاء، وإن كانت الزوجة قد خرجت من العدة منه فقد بانت منك على افتراض أنه رجعي، وبالتالي فلا يجوز لك إرجاعها إلى عصمتك وإلغاء الطلاق الذي صدر منك.
وأما إجراءات المحكمة فلا اعتبار لها في نفوذ الطلاق أو عدمه ديانة، فالطلاق الذي أوقعته قد وقع ولو لم يثبت عند المحكمة أو لم تنته إجراءاته القانونية بعد، فهو قد ثبت شرعاً بمجرد تلفظك به مع انتفاء موانعه، ولذا تبدأ عدتها من لحظة إيقاعك له لا من حين انتهاء الإجراءات القانونية، ولعل ما ورد في أحد فصول المدونة المذكورة من قولهم (لا يعتبر جميع الطلاق) يقصد به من حيث الاعتبار القانوني وما يترتب عليه؛ كأن يكون هناك نزاع بين الزوجين ونحو ذلك ولا يقصدون من ذلك إلغاء الطلاق الشرعي، ومهما يكن من أمر فالواجب عليك إذاً هو اعتبار أمر الشارع مع إكمال الإجراءات القانونية لذلك لئلا تعرض نفسك للإيذاء أو المساءلة، فزوجتك قد طلقت منك، وعلى القول بأن هذا الطلاق رجعي فإن كانت انقضت عدتها فلا يحل لك مراجعتها إلا بعقد جديد وشهود وإذن ولي أمرها كما لو كان عقد نكاح ابتداء، وكذا على القول بأن هذا النوع من الطلاق طلاق بائن بينونة صغرى، أما على القول بأنه بينونة كبرى فلا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك عند الجمهور، وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10424، 58447.
والله أعلم.