الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما قام به هؤلاء الشبان من تبخيس ما تطوع به الشخص المذكور يعتبر خطأً ولا فائدة منه، بل إنه فعل قريب من صفات المنافقين حيث كانوا يسخرون من المؤمنين، فإن تصدق أحدهم بالقليل سخروا من قلة ما تصدق به، وإن تصدق بالكثير اتهموه بالرياء، فعلى المسلم أن يحذر من أن يتصف بهذه الصفات، قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ... هذا أيضاً من صفات المنافقين، قال قتادة: يلمزون يعيبون، قال: وذلك أن عبد الرحمن بن عوف تصدق بنصف ماله وكان ماله ثمانية آلاف فتصدق منها بأربعة آلاف، فقال قوم: ما أعظم رياءه، فأنزل الله: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات. وجاء رجل من الأنصار بنصف صبرة من تمره، فقالوا: ما أغنى الله عن هذا، فأنزل الله عز وجل: والذين لا يجدون إلا جهدهم.. وأخرج مسلم عن أبي مسعود قال: أمرنا بالصدقة. قال: كنا نحامل، في رواية: على ظهورنا - قال: فتصدق أبو عقيل بنصف صاع، قال: وجاء إنسان بشيء أكثر منه، فقال المنافقون: إن الله لغني عن صدقة هذا، وما فعل هذا الآخر إلا رياء: فنزلت: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. انتهى.
كما أن على الرجل الذي تصدق أن يصبر، ويعلم أنه لا يتعامل حقيقة مع الناس في هذا المجال، وإنما يتعامل مع الله، فلو تكلم الناس فيما تصدق به فلا يضره كلامهم ما دامت نيته خالصة لله تعالى. أما عن حكم تحويل المراوح أو ثمنها إلى جهة أخرى فالظاهر أنه إن أمكن جعلها في المسجد الذي أوقفت عليه فلا يجوز نقلها إلى غيره لغير مصلحة، ومن ثم تعاد هذه الموقوفات إلى المسجد الذي وقفت عليه.
والله أعلم.