الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب أن يعلم بداية أن العلماء متفقون على جواز أكل ذبائح أهل الكتاب إذا توفرت فيها الشروط الشرعية اللازمة لحل الذبيحة بالنسبة للمسلم، وإنما نشأ الخلاف في اللحوم المستوردة نظراً لأمرين:
الأمر الأول: هل يشترط لحل ذبائحهم نفس الشروط التي تشترط لذبيحة المسلم من الذبح في المحل وعدم الإهلال بها لغير الله، أم أنه لا يشترط ذلك، فما عدوه عندهم طعاماً جائزاً لهم في دينهم جاز لنا؟ والصحيح الذي عليه جماهير أهل العلم أنه يشترط في حل ذبائحهم نفس الشروط التي تشترط لحل ذبيحة المسلم؛ بأن يذبحوا في محل الذبح وبالطريقة الشرعية بأن يقطع من الأوداج والمريء والحلقوم ما يكفي قطعه في الذكاة، أما إذا كانوا يذبحون بغير الطريقة الشرعية كالصعق الكهربائي والتدويخ والضرب بالمسدسات والفؤوس وغير ذلك وماتت الحيوانات بهذه الوسائل، أو كانوا يذكرون عليها غير الله فإنها ميتة لا تحل، فإنه لو ذبحها مسلم على هذه الطريقة لم تحل فكيف بغير المسلم؟!
الأمر الثاني: عدم العلم بتحقق الشروط السابق ذكرها في اللحوم المستوردة فلا يعلم هل ذبحت أم صعقت ثم قطع الرأس عن الجسد وهل باشر الذبح كتابي أم ملحد؟ والتحقيق في ذلك أن اللحوم إذا كانت من بلد أهله أهل كتاب لم يغلب عليهم الإلحاد فالأصل أن ذبائحهم حلال، لعموم قوله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ {المائدة:5}، اللهم إلا أن يعلم اختلال الشروط اللازمة لحل الذبيحة، ولا يخرج عن هذا الأصل بمجرد الشك الذي لا يستند لدليل. هذا ولا يكفي في إثبات تلك الشروط مجرد عبارة حلال المكتوبة على أكياس هذه اللحوم؛ إلا إذا كانت من مسلم ثقة بحيث يقبل خبره، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 1564، 2437، 26282.
وأما قاعدة: الأصل في اللحوم والأبضاع التحريم فإنها قاعدة صحيحة، قال الشيخ السعدي في منظومته:
والأصل في الأبضاع واللحوم * والنفس والأموال للمعصوم
تحريمها حتى يجيء الحل * فافهم هداك الله ما يُمل
ويستدل لهذه القاعدة بحديث عدي رضي الله عنه: قلت: يا رسول الله؛ أرسل كلبي وأسمي فأجد معه على الصيد كلبا آخر لم اسم عليه ولا أدري أيهما أخذ، قال: لا تأكل، إنما سميت على كلبك، ولم تسم على الآخر. متفق عليه، وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: لما كان الأصل في الذبائح التحريم وشك هل وجد الشرط المبيح أم لا؟ بقي الصيد على أصله في التحريم. انتهى. وراجع في ذلك الفتوى: 62491.
ولا علم لنا بطريقة الذبح في البرازيل، ولا ندري من أين يمكن التأكد من ذلك.
والله أعلم.