الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن رفض الفتاة زواج من تقدم لها خطأ إذا كان ذا خلق ودين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه؛ إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. فقالوا: يا رسول الله وإن كان فيه، فقال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. قالها ثلاث مرات. فهذا الحديث يدل دلالة صريحة على تأكيد الاستجابة لخاطب جاء وهو بهذه الصفة، وأن رده يؤدي إلى الفتنة في الأرض والفساد الكبير، وكون الرجل مرضياً في الدين والخلق لا يعني أنه كامل من جميع النواحي، فقد قيل:
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى * ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
فمن ذا الذي ترضى سجاياه كلها * كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
وبناء عليه؛ فإنا ننصحك بقبول الزواج بهذا الشاب إذا كان مرضياً في جانب الدين والخلق، ولا سيما إن كنت استخرت وكان أهلك ارتضوه فقد يكون نظرهم أقوى بصيرة من نظرك، ولا يشوش عليك ما يأتي في بالك من عدم الارتياح له، فكم من امرأة كرهت خطيباً ثم سعدت به بعد الزواج، فقد خطب فاطمة بنت قيس معاوية بن أبي سفيان وأبو جهم، فجاءت تستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها صلى الله عليه وسلم: أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد، فكرهته، ثم قال: انكحي أسامة، فنكحته، فجعل الله فيه خيراً، واغتبطت. رواه مسلم.
والله أعلم.