الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الدخول في الجواب نقول: إن الله تعالى حرم التبرج على المرأة، وأوجب عليها الستر الكامل بحضرة الأجانب بمن فيهم أقاربها من أبناء أعمامها وأبناء أخوالها ونحو ذلك مما قد يتساهل في أمره، وما يجري من العوائد من التساهل في شأن الأقارب الأجانب مصادم لأوامر الله تعالى وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم، وتترتب عليه المفاسد الكبرى، فيجب أن ينهى عنه وأن يحارب بكل الوسائل الممكنة المفيدة، فينصح من اعتادوه ويبين لهم الحكم الشرعي فيه، ولهذا فقد كنت محقاً في منعك لزوجتك من الكشف والسفور عند غير محارمها، ومن أقرها على تلك العادة السيئة فقد أثم وأولى من يأمرها بذلك.
أما بخصوص ما صدر منك من طلاق زوجتك على نحو ما ذكرت فقد خالفت السنة وآثرت البدعة حيث طلقت زوجتك بالثلاث المجموعة، فقد روى النسائي عن محمود بن لبيد قال: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً فقام غضبان، ثم قال: أيلعب بكتاب الله، وأنا بين أظهركم. حتى قام رجل وقال: يا رسول الله ألا أقتله؟.
والطلاق بالثلاث مجموعة، بينونة كبرى، لما رواه أبو داود وصححه ابن حجر عن مجاهد قال: كنت عند ابن عباس فجاء رجل فقال: إنه طلق امرأته ثلاثاً فسكت حتى ظننت أنه سيردها إليه، فقال: ينطلق أحدكم فيركب الحموقة، ثم يقول: يا ابن عباس، يا ابن عباس إن الله قال: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا. وإنك لم تتق الله فلا أجد لك مخرجاً، عصيت ربك وبانت منك امرأتك. وهذا هو مذهب الجمهور. ومن أهل العلم من يرى بأن هذا النوع من الطلاق يعتبر طلقة واحدة، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 54257.
فعلى قول الجمهور تكون زوجة السائل قد بانت منه بينونة كبرى بالثلاث الأول التي أوقعها، ومعاشرته لها بعد ذلك حرام عليه، وعلى القول الآخر وهو قول شيخ الإسلام تحسب عليه الثلاث الأول واحدة وتضم لها الطلقة التي وقعت وهي طاهر ويلغى ما أوقعه من الطلاق عليها وهي حائض أو نفساء فيكون له ارتجاعها إذا لم تخرج من عدتها، وذلك أن شيخ الإسلام لا يرى وقوع الطلاق حالة الحيض أو النفاس، والمفتى به عندنا في الشبكة قول الجمهور وهو وقوعه حال الحيض والنفاس واعتبار الثلاث ثلاثاً، وعليه فلا سبيل لك على هذه المرأة حتى تنكح زوجاً غيرك ويطلقها وتنتهي عدتها.
والله أعلم.