الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالله تبارك وتعالى أمر بالقول الحسن والقول السديد ورتب عليه الفلاح والصلاح، وحذر من الفحش والبذاءة في القول، والمطلوب من المسلم أن يكون عفيف اللسان عن عورات الآخرين والطعن في ذواتهم، ففي سنن أبي داود عن أبي برزة الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه: لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من اتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته.
وقال الشاعر الحكيم:
إذا شئت أن تحيا سليما من الأذى وحظك موفور وعرضك صين
لسانك لا تذكر به عورة امرئ فكلك عورات وللناس ألسن.
فمن تكلم في أعراض الناس فقد دعا إلى الكلام في عرضه، فالجزاء من الجنس العمل، وكما تدين تدان.
ولكن مجرد وصف عورة رجل ليس قذفا موجبا للحد الذي حدده الله للقاذف في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {سورة النور: 4-5 }
ولكنه موجب للتعزير والتأديب من قبل الحاكم أو نائبه كالقاضي لانتقاص الآخرين وغيبتهم بالباطل.
والقذف الموجب للحد هو أن يقول: فلان زان أو لوطي أو رأيته يفعل ذلك ولا بينة عنده على ذلك وهي أربعة شهداء رجال؛ كما نصت الآية الكريمة على ذلك.
والله أعلم.