الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد وقعت في خطإ كبير ووزر عظيم، وقد أحسنت بالتوبة والندم على تلك الفعلة، وانظر شروط التوبة الصادقة في الفتوى رقم: 5523. ونسأل الله أن يقبل توبتك ويغسل حوبتك إنه غفور رحيم.
وما كان لزوجتك أن تحقق معك وتلجئك إلى الاعتراف بما ارتكبته، وما كان ينبغي لك أن تخبرها بذلك؛ بل الواجب أن تستتر بستر الله عليك ولا تفضح نفسك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله. رواه الحاكم والبيهقي، وصححه السيوطي وحسنه العراقي، وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول يا فلان: عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه. رواه البخاري، كما لا يجوز لها أن تحدث الناس بخطئك وقد تبت منه، وأعظم من ذلك أن تحدث به أبناءك وتتهمك بالسحر والشعوذة وتؤلب عليك قلوبهم ليكرهوك، فكل ذلك من الظلم وعمل السوء المحرم شرعا وطبعا، وعليها أن تكف عنه وتتوب إلى الله تعالى منه قبل أن يأخذها، فإنه سبحانه يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته؛ كما صح عنه صلى الله عليه وسلم الخبر بذلك، كما عليها أن تحذر من الوعيد الوارد في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {النور:19}.
وما روى الإمام أحمد في مسنده عن ثوبان رضَي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم، ولا تطلبوا عوراتهم، فإنه من طلب عورة أخيه المسلم، طلب الله عورته، حتى يفضحه في بيته. وفي الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: .. وأيّما رجل أشاع على مسلم كلمة وهو منها بريء يرى أن يشينه بها في الدنيا، كان حقاً على الله تعالى أن يرميه بها في النار. ثم تلا قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا. رواه الطبراني عن أبي الدرداء. وروى الإمام أحمد في مسنده، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره الله يوم القيامة.
فلتتق الله تعالى ولتحذر عقابه وسخطه. ولتعد إليك الوصل الذي دفعته لها على أن ترده إليك، ولا يجوز لها أن تجعل منه ورقة ضغط عليك؛ إذ لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه، ولا يجوز لها أن تسألك الطلاق أو تلجئك إليه بمجرد أنك قد ارتكبت ذنبا وتبت منه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. حديث صحيح أخرجه أحمد وابن ماجه والدارمي، وانظر الفتويين: 2019، 77777.
ولا ينبغي أن تجيبها إليه لمصلحة الأبناء واجتماع شمل الأسرة؛ إلا إذا استحالت العشرة واستحكم الخلاف ولم يبق سبيل إلى الوفاق فحينئذ يكون الطلاق آخر العلاج، كالكي آخر الدواء. وأما الأبناء فهي أحق بحضانتهم إلا من بلغ منهم سبع سنين فما فوق فإنه يخير بينكما، ولمعرفة الأحق بالحضانة ومتى يسقط حق الأم فيها وإلى من تنتقل بعدها ومتى تنهتي مدتها انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1251، 95189، 39576.
والله أعلم