الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبهك أولا إلى أنك قد أخطأت بزواجك من غير مسلمة لأن ذلك وإن كان مباحا بشروطه فإنه قد تنبني عليه مفاسد كثيرة، وانظر في تفصيل ذلك الفتويين: 33896، 323، كما أنك قد أخطأت أيضا بتركك لها تعمل في عمل مختلط، بل ليس معها فيه غير المدير فالخلوة بينهما كائنة قائمة وقد قيل:
ومن رعى غنمه بأرض مسبعة * ونام عنها تولى رعيها الأسد.
وأما الحمل فإنه منسوب إليك لكونك صاحب الفراش، وقد قال صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. أخرجه البخاري ومسلم، فلا يمكنك أن تتبرأ منه بالتحاليل أو غيرها إلا إذا لاعنتها وحينئذ ينسب الولد لأمه ولا ينسب إليك، وهذا ما بيناه في الفتوى رقم: 7424.
وأما خطأها فينبغي مسامحتها فيه والستر عليها إن ظهر ندمها عليه واستقامتها بعده، وأما إقامة الحد عليها فليس ذلك لك. ولا يجوز لك قتلها ولا جلدها وإنما ذلك للإمام فحسب كما في الفتوى رقم: 7940. والستر عليها أولى من رفعها إليه؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله. رواه الحاكم والبيهقي، وصححه السيوطي. وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل حيي ستير يحب الحياء والستر..... رواه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه الألباني. وقال أيضاً: لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة. رواه مسلم. فالستر عليها أولى، ومسامحتها خير ما دمت تطمع في إسلامها واستقامتها، والله سبحانه يحب الستر على عباده والعفو عنهم؛ كما قال: وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ {آل عمران:134} فجعل العفو من الإحسان الذي يحبه ويرضاه، وبذا تعلم أنه يحبه ويرضاه منك ولا يغضبه عليك.
وينبغي أن تعينها على التوبة والاستقامة وتحبب إليها الإسلام بالصفح الجميل والمعاملة الحسنة لعل الله يهديها على يديك، ففي الحديث: فوالله لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من أن يكون لك حمر النعم. متفق عليه، وإذا أسلمت فإن ذلك يكفر جميع ذنوبها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن عمرو بن العاص وفي آخر الحديث قال عمرو: يا رسول الله، أنا أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمرو بايع، فإن الإسلام يجب ما كان قبله، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها.
ويجب عليك أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:... والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته..... رواه البخاري وغيره. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 75457.
والله أعلم