الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيشترط لصحة التنازل عن الميراث أن يكون المتنازل -ذكراً كان أو أنثى- رشيداً بالغاً، وأن يكون تنازله عن غير إكراه بأي وسيلة جاء، ومن وسائل الإكراه المحرم الإكراه بالإلحاح ممن هو محل تقدير عند المكره، فإذا تنازل أحد عن نصيبه طائعا مختاراً وكان بالغاً رشيداً فإن تنازله نافذ، وفي معنى الإكراه ما اعتاده بعض المجتمعات من تعنيف المرأة وتوبيخها إذا أخذت حقها في الميراث مما جعل النساء يتنازلن عن ميراثهن ابتداءً لعلمهن بما يترتب على أخذ حقهن من اللوم، واعتبارهن خارجات عن التقليد الجاهلي المتبع في المجتمع.
فهذا التنازل لا عبرة به ولا يصير به مال المرأة المتنازلة حلالاً لأنه تنازل عن غير طيب نفس، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد والبيهقي وصححه الألباني.
والذي نراه أن امتناع عماتك من التوقيع عن الميراث دليل على أنهن تنازلن عن غير طيب نفس، وأن تنازلهن كان عن نوع إكراه كما ذكرنا، وإذا كان الأمر كذلك فلا عبرة بهذا التنازل، ولأولادهن الحق في المطالبة بميراث أمهاتهم.
وأما إذا كان تنازلهن عن طيب نفس حقيقة ومن غير إكراه ولا ضغط من المجتمع ونحوه وكن بالغات رشيدات فالتنازل صحيح، ولا يشترط لصحته كتابته، وهذه هبة منهن لإخوتهن، ولا يحل لهن الرجوع فيها إذا استوفت شروطها، وانظر الفتوى رقم: 33868، في شروط نفاذ الهبة.
والله أعلم.