الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقرض عقد لا يتم فيه الملك إلا بالقبض، وقد اختلف الفقهاء في حكم تولي الشخص الواحد طرفي العقد فيقبض من نفسه لنفسه، وهذا مثل أن يكون -كما في المسألة المطروحة- وكيلا لجهة ما في التصرف، فيقرض نفسه من مالها, وذلك على قولين:
الأول: الجواز وإليه ذهب الحنابلة، قال المرداوي في تصحيح الفروع: وإن دفع نقدا لغريمه وقال: اشتر لك مثل ما لك علي صح. ثم إن قال: اقبضه لنفسك، لم يصح لنفسه، وله روايتان، انتهى. ( أحدهما ) يصح قبضه لموكله، وهو الصواب، قال في الرعاية الكبرى: وإن قال: اشتر لي بهذه الدراهم قدر حقك واقبضه لي ثم اقبضه لنفسك، صار للأمر، وفي قبضه من نفسه الوجهان، والنص أنه يصح قبض الوكيل من نفسه لنفسه، وهو أشهر وأظهر، انتهى.
الثاني: المنع وإليه ذهب الشافعية، قال السيوطي في الأشباه والنظائر: اتحاد القابض والمقبض ممنوع لأنه إذا كان قابضا لنفسه احتاط لها، وإذا كان مقبضا وجب عليه وفاء الحق من غير زيادة، فلما تخالف الغرضان والطباع لا تنضبط امتنع الجمع .
والراجح هو مذهب الشافعية لقوة ما ذكروه من التعليل، فإن هذا عقد واحد يجتمع فيه غرضان متضادان وهو كون المرء طالبا ومطلوبا في نفس الوقت، مما قد يحمله على الإنكار وعدم التوثق، أو يحمله على المماطلة وتأخير السداد عن وقته ونحو ذلك مما تقتضيه التهمة وتحمل عليه الطباع، فوجب المنع من ذلك سدا للذريعة.
وعليه؛ فلا بد أن يكون هناك طرف آخر يكون وكيلا عن الجمعية يقوم بإقراضك. ويشترط أن يكون هذا الشخص مفوضا بإقراضك ممن يملك هذا التفويض من ملاك الجمعية أو القائمين عليها، أما أنت فلا يجوز لك أن توكل شخصا ليقرضك، وأما توكيله ليقرض غيرك؟ فإن كنت أنت مخولا بالإقراض للغير، فالظاهر أن لك أن تنيب غيرك ليقوم بذلك ما لم يكن هناك شرط من جهة العمل يمنع ذلك.
والله أعلم.