الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فدم البعوض والبراغيث ونحوهما طاهر عند بعض أهل العلم، وبعضهم يقول بوجوب غسله إذا انتشر وكثر، وبالتالي فإذا تلطخ الثوب به فمن الاحتياط في الدين عدم الصلاة به إلا بعد غسله خروجاً من خلاف أهل العلم، ففي المغني لابن قدامة: ودم ما لا نفس له سائلة، كالبق، والبراغيث، والذباب، ونحوه، فيه روايتان، إحداهما: أنه طاهر، وممن رخص في دم البراغيث عطاء وطاووس والحسن، والشعبي والحاكم وحبيب بن أبي ثابت وحماد والشافعي وإسحاق، ولأنه لو كان نجساً لنجس الماء اليسير إذا مات فيه، فإنه إذا مكث في الماء لا يسلم من خروج فضلة منه فيه، ولأنه ليس بدم مسفوح، وإنما حرم الله الدم المسفوح. والرواية الثانية عن أحمد قال في دم البراغيث إذا كثر: إني لأفزع منه، وقال النخعي: اغسل ما استطعت، وقال مالك في دم البراغيث: إذا كثر وانتشر فإني أرى أن يغسل، والأول أظهر، وقول أحمد: إني لأفزع منه. ليس بصريح في نجاسته، وإنما هو دليل على توقفه فيه، وليس المنسوب إلى البراغيث دما إنما هو بولها في الظاهر، وبول هذه الحشرات ليس بنجس. انتهى.
وفي المجموع للنووي: ولو كان دم البراغيث في ثوب في كمه وصلى به أو بسطه وصلى عليه، فإن كان كثيراً لم تصح صلاته، وإن كان قليلاً فوجهان. انتهى.
وفي المدونة للإمام مالك: فقيل لمالك: فدم البراغيث؟ قال: إن كثر ذلك وانتشر فأرى أن يغسل. انتهى.
والله أعلم.