الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالخليفة الراشد الخامس هو الحسن بن علي رضي الله تعالى عنه، ولا شك أن معاوية رضي الله عنه وعمر بن عبد العزيز كانا عادلين راشدين.
أما خلافة الحسن فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثم يكون بعد ذلك الملك... رواه أحمد والترمذي.
قال الحافظ في الفتح: والمراد به خلافة النبوة. اهـ، وقال القاضي: المراد بها الخلافة التي لا يشوبها ملك بعده. وقال بن أبي العز في شرح الطحاوية: كانت خلافة أبي بكر سنتين وثلاثة أشهر، وخلافة عمر عشر سنين ونصفاً، وخلافة عثمان اثنتي عشر سنة، وخلافة علي أربع سنين وتسعة أشهر، وخلافة الحسن ستة أشهر، وأول ملوك المسلمين معاوية رضي الله عنه، وهو خير ملوك المسلمين. انتهى.
وقال ابن كثير في البداية والنهاية: ... وتكميل الثلاثين بخلافة الحسن بن علي نحواً من ستة أشهر حتى نزل عنها لمعاوية عام أربعين. انتهى.
فأما معاوية فهو خير ملوك المسلمين كما مر معنا في كلام أبي العز، حتى قال الأعمش: لو رأيتم معاوية لقلتم إنه المهدي. وقد ذكر عند الأعمش عمر بن عبد العزيز فقال: كيف لو أدركتم معاوية؟! قالوا: في حلمه؟ قال: لا والله؛ بل في عدله.
ومع ذلك فإن حكمه لا يعتبر خلافة نبوية لأنه شابه ملك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى عن خلافة معاوية: ومعاوية قد شابها الملك، وليس هذا قادحاً في خلافته، كما أن ملك سليمان لم يقدح في نبوته... وهذا يقتضي أن ثوب الخلافة بالملك جائز في شريعتنا، وأن ذلك لا ينافي العدل؛ وإن كانت الخلافة المحضة أفضل. انتهى مختصراً.
وأما عمر بن عبد العزيز رحمه الله فقد تولى الحكم سنة 99 هـ. وقد كان عادلاً عالماً ورعاً زاهداً، وقد سماه كثير من العلماء الخليفة الخامس لأنه جاء في زمن ابتعد الولاة فيه عن الهدي النبوي في الحكم وعن سيرة الخلفاء الراشدين فجدد مسيرتهم، أو لعله لقلة فترة خلافة الحسن رضي الله عنه، ولاضطراب أمر المسلمين في هذه الفترة.
والله أعلم.