الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأعمال القلبية التي لا دخل للمرء فيها لا يحاسب عليها كالميل القلبي ونحوه، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك. رواه أبو داود والترمذي وصححه السيوطي. فالله سبحانه لا يكلف نفساً إلا وسعها، كما قال: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ {البقرة:286}، وثبت في صحيح مسلم أنه قال: قد فعلت. وقال سبحانه: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الأحزاب:5}.
فإن كان ما تشعرين به من كرههما ليس عن قصد منك ولم يترتب عليه عقوق لهما ولا تضييع لحق من حقوقهما أو مقتضاه، بل كان مجرد شعور يراودك بسبب أذيتهما لك ولا تستطيعين صرفه، فلا حرج عليك فيه، لكن لا يجوز لك إبداؤه لهما في قول أو فعل أو غيره بل يجب عليك إظهار المودة لهما ولو لم تكن في القلب، وكذا صلتهما والإحسان إليهما وإن أساؤوا إليك وأخطأوا في حقك، كما بينا في الفتوى رقم: 23716، والفتوى رقم: 21916، وما أحيل إليه خلالهما من فتاوى.
والله أعلم.