الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أخي أن الطلاق في حال الغضب واقع، بل نقل بعض الأئمة الاتفاق على ذلك، ويستثنى من ذلك الغضب الذي يبلغ بصاحبه مبلغا يفقده التمييز ولا يعي فيه ما يقول، وهذا هو المراد بالإغلاق في الحديث الذي أشرت إليه، ورجح بعضهم أن الإغلاق هو الإكراه، وانظر الفتوى رقم: 39182، والفتوى رقم: 23251، والفتوى رقم: 77274، والفتوى رقم: 30600، ففيها الجواب عن الإغلاق وعن الطلاق في حالات الغضب، وفيها بيان أقوال أهل العلم في المسألة.
وبناء على ما ذكرته من أن غضبك لم يصل الدرجة التي تفقد فيها الشعور والوعي بما حولك فاستفت قلبك في الطلقة الثالثة واحتط لنفسك ولآخرتك وآخرة زوجتك، فقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: استفت قلبك، البر ما اطمأن إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك. رواه أحمد بسند حسن كما قال المنذري، ووافقه الألباني. وروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما معلقا: لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما حاك في الصدر.
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين: لا يجوز العمل بمجرد فتوى المفتي إذا لم تطمئن نفسه وحاك في صدره من قبوله وتردد فيها، فإن كان عدم الثقة والطمأنينة لأجل المفتي يسأل ثانيا وثالثا حتى تحصل له الطمأنينة، فإذا لم يجد فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، والواجب تقوى الله بحسب الاستطاعة.
هذا، وننبه إلى أن المسلم عليه أن يبتعد عن أسباب الغضب الدنيوي لما فيه من المفاسد الدنيوية والأخروية المترتبة عليه، وذلك أخذا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني. قال: لا تغضب، فررد مرارا قال: لا تغضب. رواه البخاري ومسلم .
والله أعلم.