الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم يتضح لنا مقصود السائلة بقولها (يحي والدته أكثر) ومن المعلوم أن التحية السلام، فإن كان يعني أنه يسلم على والدته أكثر، فهذا لا إشكال فيه لأن الإنسان يسلم على من تتكرر رؤيته له أكثر من غيره.
وأما إن كان المقصود أنه يحب والدته أكثر من الله ورسوله فهو على خطر عظيم، فإن محبة غير الله تعالى كمحبة الله شرك فكيف إذا أحب غير الله أكثر، ومحبة غير النبي صلى الله عليه وسلم أكثر منه تعتبر نقصاً شديداً في الإيمان، وبيان ذلك أن الله تعالى أخبر أن محبة أحد كمحبته سبحانه تعتبر شركاً، فقال: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ {البقرة:165}، فمن أحب أحداً كمحبته لله فقد اتخذه نداً من دون الله، ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاستقامة: فمن أحب شيئاً غير الله كما يحب الله فهو من المشركين لا من المؤمنين. وقال أيضاً: ... لا يجوز أن نحب شيئاً من المخلوقات مثل حبه بل ذلك من الشرك، قال الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ...
كما أن محبة غير النبي من المخلوقات أكثر من محبة النبي يعتبر دليلاً على نقص الإيمان، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين.. ولما قال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم: أنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، قال: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمر. رواه البخاري.
فالواجب على من وقع في شيء من ذلك التوبة إلى الله تعالى فإن الله تعالى هو مولى النعم، كما قال تعالى: وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ {النحل:53}، كما أنه تعالى المتصف بصفات الكمال فهو أولى أن يحب أكثر من غيره، ورسوله صلى الله عليه وسلم أفضل البشر وسيد ولد آدم وأنقذنا الله به من دركات الجهل والضلال فهو أولى بالمحبة من الوالدين والأولاد، وينبغي أن تعلم الأخت السائلة أنه ليس كل من وقع في عمل أو اعتقاد كفري وقع الكفر عليه، وانظري الفتوى رقم: 721.
والله أعلم.