الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
فإنك لم تذكر السبب الذي يدفع هذه المرأة إلى ذلك الفعل ، هل هو الرغبة بالبقاء في البلد الأصلي مع أهلها؟ أم هناك أسباب أخرى؟
ومن هنا فموضوعك له ملابسات خاصة ، لا بد من توضيحها ، وبصفة عامة فإن الزوجة مأمورة بطاعة زوجها ما لم يأمرها بمعصية ، وهذا من حق الزوج على زوجته ، كما أنه لا يجوز لها السفر بدون إذنه ، ولا أخذ أبنائها معها إلا بإذنه ، مراعاة للحق المشترك في الأبناء بين الزوجين ، ويحرم عليها ذلك ، أما إذا اضطرت لفعل ذلك خشية مفسدة محققة عليها أو على الأولاد فهذا أمر آخر ، وله حكم آخر .
وكذلك لو حكم القاضي بسفرها وأبنائها ، فعندئذ ينظر إلى ملابسات حكم القاضي ، ولا يحكم على فعلها بشيء حتى يعرف الموضوع بتمامه.
وبخصوص السؤال الثاني نقول : إذا اعتبرت الزوجة ناشزاً فهل يسقط ذلك حقها في الحضانة؟ والجواب هو أن موضوع النشوز لا أثر له في الحضانة ، فإذا توفرت في الزوجة شروط الحضانة : استحقت الحضانة ولو كانت ناشزاً ، وإذا لم تتوفر فيها شروط الحضانة فلا تستحقها ولو كانت غير ناشز.
وشروط الحضانة ستة وهي : أولاً: العقل.
ثانياً: الإسلام.
ثالثاً: العفة والأمانة. والمراد بذلك : أن لا يكون الحاضن أو الحاضنة ذا فسق.
رابعاً: الإقامة ؛ وذلك بأن يكون صاحب الحق في الحضانة مقيما في بلد الطفل.
خامساً: الخلو من زوج أجنبي : فإذا تزوجت الأم سقط حقها في الحضانة ؛ وإن لم يدخل بها الزوج بعد.
والدليل على ذلك ما رواه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمرأة حينما جاءته فقالت: يا رسول الله ، إن ابني هذا كان بطني له وعاءً ، وثديي له سقاء ، وحجري له حواء ، وإن أباه طلقني ، وأراد أن ينزعه مني ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : " أنت أحق به ما لم تنكحي"
سادساً: الخلو من الأمراض الدائمة والعادات المؤثرة ، فلو كانت الأم تعاني من مرض عضال : كالسل، والفالج ، أو كانت عمياء ، أو صماء ، لم يكن لها حق في حضانة الطفل ، لأن لها من شأنها ما يشغلها عن القيام بحق الطفل.
فإذا فُقد شرط من هذه الشروط الستة فلا حق لمن فقد فيه في الحضانة.
وأما بخصوص السؤال الثالث : وهو ما إذا حصلت الزوجة على الطلاق ، وحق الحضانة ، ثم انتقلت وسافرت بالأبناء إلى البلد الأصلي للزوجين ، فهل يسقط سفرها حق الحضانة أم لا ؟ نقول: هذا الأمر لا بد فيه من الرجوع إلى القاضي الذي حكم لها بالحضانة ، فلا شك أن رأيه معتبر في هذا ، وبإمكانه إسقاط الحضانة ، أو ترك ذلك وفقاً للحالة التي أمامه.
والله أعلم.