الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن سكوت الابن عن طرد زوجته لأمه من بيتها يعتبر عقوقا، ويجب عليه التوبة إلى الله تعالى، كما أن ترك أولادها السؤال عنها يعتبر من العقوق، فالواجب على الجميع التوبة إلى الله تعالى.
فإن حق الأم عظيم، بل حقها أعظم الحقوق بعد حق الله تعالى وحق رسوله صلى الله عليه وسلم، ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم من أحق الناس بحسن صحابتي؟ أجاب السائل بقوله ثلاث مرات: أمك. ويعظم حقها ويتأكد وجوبه في حال كبرها لقوله تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً {الإسراء:23-24}
فهي في حال الكبر تحتاج إلى مزيد من البر ومن يقوم بمصالحها ويتولى رعايتها، والمحروم حقا من حرم هذا الفضل وهذا الأجر.
وأما عن رفض ابنها إعطاء أمه حقها فإن كانت الأم في حال لا يمكنها من التصرف بأموالها على وجه السداد فإنه يحجر عليها لمصلحة نفسها، وتتولى الجهة المخولة من الدولة إدارة أموالها أو توكل ذلك إلى من تراه مناسبا، ويجب على ذلك الابن أن يدفع حق أمه وعليه أن يتقي الله تعالى، وأما كونه يتحجج بأنه أنفق عليها قبل ثلاثين سنة فإنه إن أنفق عليها نفقة واجبة عليه أو صدقة مستحبة فإنه يحرم عليه الرجوع فيها ولا حق له في المطالبة بما أنفقه.
وننصحكم برفع الأمر إلى المحكمة الشرعية لتتولى النظر في القضية من جميع جوانبها وإلزام ذلك الابن بما يجب عليه شرعا.
وأما الابن الذي تولى رعايتها فجزاه الله خيرا، وقد قام بما أوجبه الله تعالى عليه، ونسأل الله أن يجعل عمله في ميزان حسناته، وليبشر بخير فإن بر الوالدين ذخر في الدنيا والآخرة والجزاء من جنس العمل.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 9911.
والله أعلم.