الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحديث أبي بن كعب رواه ابن حبان في صحيحه والنسائي في السنن الكبرى ولفظه: أنه كان لهم جرن فيه تمر وكان أبي يتعاهده فوجده ينقص فحرسه فإذا هو بدابة تشبه الغلام المحتلم، قال: فسلمت فرد السلام، فقلت: من أنت أجن أم إنس، قال: جن، قال: فناولني يدك، فناولني يده فإذا يد كلب وشعر كلب، قال: هكذا خلق الجن، قال: لقد علمت الجن ما فيهم أشد مني، قال له أبي: ما حملك على ما صنعت، قال: بلغنا أنك رجل تحب الصدقة فأحببنا أن نصيب من طعامك، قال أبي: فما الذي يجيرنا منكم، قال: هذه الآية.. آية الكرسي، ثم غدا أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: صدق الخبيث. وقال الألباني صحيح.
وأما حديث أبي أيوب الأنصاري فقد رواه الحاكم وابن أبي شيبة والترمذي بلفظ: أنه كانت له سهوة فيها تمر فكانت تجئ الغول فتأخذ منه، قال: فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فاذهب فإذا رأيتها فقل بسم الله أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأخذها فحلفت أن لا تعود فأرسلها فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما فعل أسيرك، قال: حلفت أن لا تعود، فقال: كذبت وهي معاودة للكذب، قال: فأخذها مرة أخرى فحلفت أن لا تعود فأرسلها فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما فعل أسيرك، قال: حلفت أن لا تعود، فقال: كذبت وهي معاودة للكذب فأخذها، فقال: ما أنا بتاركك حتى أذهب بك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إني ذاكرة لك شيئاً آية الكرسي اقرأها في بيتك فلا يقربك شيطان ولا غيره، قال: فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما فعل أسيرك، قال: فأخبره بما قالت، قال: صدقت وهي كذوب. قال هذا حديث حسن غريب وفي الباب عن أبي بن كعب. قال الترمذي: حسن غريب، وقال الشيخ الألباني: صحيح.
وأما حديث أبي أسيد الأنصاري فرواه الطبراني في معجمه الكبير بلفظ: له بئر بالمدينة يقال لها بئر بضاعة قد بصق فيها النبي صلى الله عليه وسلم فهو يبشر بها ويتيمن بها قال: فلما قطع أبو أسيد تمرة حائطه جعلها في غرفة له فكانت الغول تخالفه إلى مشربته فتسرق تمره وتفسده عليه، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: تلك الغول يا أبا أسيد، فاستمع عليها فإذا سمعت اقتحامها يعني وجبتها، فقل: بسم الله حبسني رسول الله، فقالت الغول: يا أبا أسيد اعفني أن تكلفني أذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطيك موثقاً من الله أن لا أخالفك إلى بيتك ولا أسرق تمرك فأدلك على آية من كتاب الله فتقرأ بها على بيتك فلا نخالف إلى أهلك ولا نكشف غطاءه فأعطته الموثق الذي رضي به منها، فقالت: الآية التي أدلك عليها هي آية الكرسي ثم حكت استها تضرط فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقص عليه القصة حيث ولت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدقت وهي كذوب. قال الهيتمي في مجمع الزوائد رواه الطبراني ورجاله وثقوا كلهم وفي بعضهم ضعف.
وأما حديث زيد بن ثابت فأورده السيوطي في الدر المنثور، فقال: أخرج ابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان وأبو الشيخ في العظمة عن ابن إسحاق قال: خرج زيد بن ثابت ليلا إلى حائط له، فسمع فيه جلبة فقال: ما هذا؟ قال: رجل من الجان أصابتنا السنة، فأردت أن أصيب من ثمارهم فطيبوه لنا، قال: نعم، ثم قال زيد بن ثابت: ألا تخبرنا بالذي يعيذنا منكم؟ قال: آية الكرسي.
وأما عن الجن وهل من الممكن أن يعينوا أولياءهم على السرقة فحديث أبي هريرة في الصحيحين صريح في أن الجن يسرقون، ولذا قال الحافظ في الفتح عند ذكره لفوائد الحديث: وإنهم يسرقون ويخدعون. وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 309349، أن هذا في غير ما ذكر اسم الله عليه فانظر الفتوى المشار إليها وكذلك الفتوى رقم: 37885 ففيهما ما يزيل التعارض الذي توهمته، وأما المشي على الماء والطيران في الهواء فهذا ليس ببعيد فقد ورد عن بعض الصحابة الكرام أنهم مشوا على الماء وهذا كرامة كما قد يتمكن السحرة من فعل ذلك بمساعدة الشياطين، وانظر الفتوى رقم: 53617، والفتوى رقم: 31599، وكل ذلك لا يقع شيء منه إلا بمشيئة الله وإرادته سبحانه.
والله أعلم.