الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمال الذي دفع إلى المؤجر ليس عربونا وإنما هو رهن يبقى عند المؤجر للتوثق من حقه مدة بقاء الإجارة ثم يعود إلى صاحبه.
وليس للمستأجر أن يفسخ الإجارة قبل انقضاء المدة لأن الإجارة عقد لازم، وإذا اتفق مع المؤجر على أن يأتي بمستأجر آخر فوافق المؤجر فلا حرج في ذلك.
وإذا قام المستأجر بالبحث عن مستأجر آخر وعقد معه الإجارة على البيت وتفرقوا لزمه الوفاء بالعقد لأنه عقد لازم، وقد جوز العلماء للمستأجر أن يؤجر ما استأجره لأنه ملك المنفعة، ولو أراد المستأجر الثاني أن يفسخ لزمه دفع ما تم الاتفاق عليه من الأجرة لكل المدة، ولا يحتاج حينها إلى رهن، وأما إذا لم يفسخ فإنه يلزم بدفع الأجرة فقط في مواعيدها حسب الاتفاق، وأما الرهن فلا يلزم به لأن الرهن لا يكون عند جمهور أهل العلم إلا بالقبض والتسليم للمرتهن، لقوله تعالى: فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ {البقرة: 283}، وذهب المالكية إلى لزوم الرهن بمجرد العقد وأن للمؤجر أن يرفع الأمر للقاضي ليلزم المستأجر بالرهن أو دفع كامل الأجرة لكل المدة، قال الشيخ عليش رحمه الله: ومن اشترى سلعة بثمن معلوم إلى أجل معلوم بشرط رهن شيء معين فيه ثم امتنع من دفع الرهن أجبر الراهن عليه أي دفع الرهن للمرتهن أو لأمين إن شرط الرهن. اهـ باختصار، ومثل رهن البيع رهن الإجارة.
و لا بد أن يعلم المؤجر الأول والثاني أنه لا يجوز الانتفاع بالرهن على الإجارة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يغلق الرهن من صاحبه له غنمه وعليه غرمه. رواه مالك وابن ماجه وحسنه، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 28039.
والله أعلم.