الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الدعاء في خطبة الجمعة مشروع بل عده بعض الفقهاء من أركان الخطبة كما في المذهب الشافعي، ومنهم من اعتبره سنة ومنهم من اعتبره مستحبا، لكن هذا الدعاء يكون في آخر الخطبة الثانية، أما دعاء الخطيب بعد نزوله من المنبر وتأمين الناس عليه فليس واردا، وكذلك الحال في الركعة الثانية من صلاة الجمعة، وعليه فإن على الخطيب المذكور أن يقتصر على الدعاء في آخر الخطبة الثانية ولا يحدث دعاء آخر جهرا بحيث يدعو ويؤمن الناس، لأنه لم يرد في السنة دعاء وتأمين يوم الجمعة في هذين الموضعين أي بعد نزول الخطيب من المنبر وبعد الرفع من ركوع الركعة الثانية يوم الجمعة، اللهم إلا إن كان من قبيل الدعاء عند النوازل، فقد قيل إنه يشرع في كل مكتوبة وقيل إلا في الجمعة، وإليك كلام أهل العلم في هذا الموضوع، فقد قال الشافعي في كتاب الأم : حَكَى عَدَدٌ صَلَاةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْجُمُعَةَ فَمَا عَلِمْت أَحَدًا مِنْهُمْ حَكَى أَنَّهُ قَنَتَ فِيهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ دَخَلَتْ فِي جُمْلَةِ قُنُوتِهِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهِنَّ حِينَ قَنَتَ عَلَى قَتَلَةِ أَهْلِ بِئْرِ مَعُونَةَ. انتهى.
وقد نص فقهاء الحنابلة على أن الدعاء الذي يشرع عند حدوث النوازل في الصلوات المكتوبة لا يشرع في الجمعة للاستغناء عنه بدعاء الخطبة: قال في الإقناع في الفقه الحنبلي: فَإِنْ نَزَلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ سن لإمام الوقت خاصة ونائبه القنوت بما يناسب تلك النازلة إلَّا الْجُمُعَةَ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالدُّعَاءِ فِي خُطْبَتِهَا، وَإِنْ قَنَتَ فِي النَّازِلَةِ كُلُّ إمَامٍ جَمَاعَةً أَوْ كُلُّ مُصَلٍّ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ. انتهى بحذف قليل.
وقد ذكر أهل العلم أن دعاء خطبة الجمعة يكون في الخطبة الثانية، قال في أسنى المطالب ممزوجا بمتن روض الطالب في الفقه الشافعي، وهو يذكر أركان الخطبة: الرَّابِعُ الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِأُخْرَوِيٍّ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ، وَالْخَلَفِ ; وَلِأَنَّ الدُّعَاءَ يَلِيقُ بِالْخَوَاتِمِ وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْمُؤْمِنَاتِ وَبِهِمَا عَبَّرَ فِي الْوَسِيطِ، وَفِي التَّنْزِيلِ وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ، وَإِنْ خَصَّ بِالدُّعَاءِ السَّامِعِينَ فَقَالَ رَحِمَكُمْ اللَّهُ أَوْ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ كَفَى، فَيَكْفِي فِيهِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الدُّعَاءِ. انتهى.
والله أعلم .