الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالضرائب والجمارك التي تفرضها الدولة على الناس لها حالتان:
الأولى: أن يكون بالدولة حاجة وضعف فتحتاج إلى ذلك لتنفيذ المصالح العامة ونحو ذلك فتفرضها على كل أحد بقدر ما يستطيع حسب ضوابط معينة ولا حرج عليها في هذه الحالة ولا حرج من العمل معها.
الثانية: أن تكون الدولة غنية فلا يجوز لها ذلك بل هو من كبائر الذنوب، وفي الحديث الذي رواه مسلم وغيره عن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المرأة الغامدية التي زنت ثم تابت قال: والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له.
قال النووي رحمه الله: فيه أن المكس من أقبح المعاصي والذنوب والموبقات، وروى أحمد وأبو داود والحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة صاحب مكس.
ولا يجوز العمل مع الحكومة في هذا المجال في الحالة الثانية، إلا إذا اضطر إلى ذلك فيعمل وينبغي أن يسعى بقدر ما يمكن في التخفيف عن الناس جميعاً من هذه الضرائب وليس عن أقربائه أو أصحابه أو أهل بلده فقط، وأما تجديد الجواز فالأصل أنه لا بد من الالتزام به لما في ذلك من المصلحة، ولو قدر أن فقيراً لم يقدر على تجديده فساعده الموظف بلا مقابل لعلمه بحاله فلا حرج في ذلك ولا يقبل شيئاً منه لأنه عامل مع الدولة وله راتب، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هدايا العمال، لأنه لولا عملهم لما حصلوا على شيء من الهدايا، ولأن ذلك قد يجر إلى الرشوة ونحوها.
وأما المال الذي قد قبضه مقابل هذا العمل وصرفه فلا شيء عليه فيه، وأما الباقي معه فإنه يتخلص منه بصرفه في المصالح العامة للمسلمين.
وأما ما يفعله زملاؤه في هذا العمل المحرم من النصب والاحتيال بالطريقة التي ذكرها فهو زيادة إثم على إثم، وعليه نصحهم وتذكيرهم بسوء صنيعهم، وأما الأكل معهم فإن كان من عين محرمة أخذوها بغير حق أو اشتروها بمال حرام فلا يجوز، وإن جهل ذلك وكان مالهم مختلطاً فيكره الأكل من طعامهم.
والله أعلم.