الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن العبادة والتقوى أساس السعادة في الدارين، نسأل الله تعالى أن يزيدنا وإياك من نعمه ويعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، ولتعلم أن المعصية كما تفضلت شؤم في الدين، وقد تكون سببا في عذاب الإنسان في الدنيا والآخرة، ويمكنك أن تراجع كتاب الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي للإمام ابن القيم فقد أفاض فيه وأجاد، وبين فيه صنوف العقوبات التي يعاقب الله تعالى بهما عباده من جراء المعصية.
والدليل على رضى الله تعالى عن عبده هو الاستقامة على طاعة الله والإحسان في العمل كما قال تعالى: وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ {التوبة: 100} الآية، وفي الحديث القدسي: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه. الحديث. رواه البخاري.
وأما من كان مستقيما على دين الله تعالى في عقيدته وعبادته وأخلاقه ومعاملاته فلا شك أنه سعيد في الدنيا والآخرة، لكن لا يلزم من ذلك ألا يبتلى بالمصائب، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يبتلى العبد على قدر دينه ذاك، فإن كان صلب الدين ابتلي على قدر ذاك. رواه أحمد وحسن إسناده الأرناؤوط.
ولا يلزم أن يكون سببه المعصية فربما يكون للتمحيص وبيان المؤمن من المنافق، وربما يكون لتكفير السيئات أو لرفع الدرجات أو يكون عقوبة على معصية، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 44779، وأن المؤمن الفطن يمكن أن يميز سبب ما يصيبه من البلاء.
ثم لتعلم أن ابتلاء الله تعالى لعباده لا يقتصر على المصائب أو ضيق الحال، فربما يكون بالخير ويسر الحال كما قال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء: 35}
فهو تعالى يبتلي من شاء ابتلاءه من عباده بما شاء أن يبتليه به لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 20634.
والله أعلم.