خلاصة الفتوى:
الراجح تقديم ركعتي الفجر على صلاة الصبح سواء في ذلك الأداء والقضاء لثبوت ذلك في السنة الصحيحة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه أنهم صلوا ركعتي الفجر قبل صلاة الفرض عندما غلبهم النوم في سفر فلم يستيقظوا إلا بعد طلوع الشمس، ففي صحيح مسلم بعد ذكر قصة مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونومه واستيقاظه بعد طلوع الشمس، قال أبو قتادة راوي الحديث: ثم أذن بلال بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم.
فهذا الحديث دليل على تقديم ركعتي الفجر على صلاة الصبح في حق من فاتته صلاة الفجر ولم ينتبه لها إلا بعد طلوع الشمس، وبهذا أخذ الحنابلة والحنفية وبعض المالكية كأشهب وعلي بن زياد، والمشهور عند المالكية تقديم فريضة الصبح، وقد استدل الإمام مالك رحمه الله تعالى بالحديث الصحيح الآمر بقضاء الفريضة وقت تذكرها، فقضاء السنة هنا تشاغل عن الفريضة بغيرها، إضافة إلى تصريحه بأنه لم يبلغه قضاء النبي صلى الله عليه وسلم لسنة الفجر قبل الفريضة.
قال الحطاب في مواهب الجليل عى مختصر خليل في الفقه المالكي: تنبيه، وقال في الذخيرة: ولو نام عن الصبح، قال مالك: لا يصليهما مع الصبح بعد الشمس، وما بلغني أنه عليه الصلاة والسلام قضاهما يوم الوادي، وقال أشهب بلغني ويقضيهما، وهو في مسلم ويعضد الأول قوله عليه الصلاة والسلام: من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها وذلك يمنع من الاشتغال بغيرها. انتهى.
وقال عياض في الإكمال في حديث الوادي: وقد اختلف العلماء في من فاتته صلاة الصبح هل يصلي قبلها ركعتي الفجر، فذهب أبو حنيفة والشافعي وأحمد وداود إلى الأخذ بزيادة من زاد صلاة ركعتي الفجر في هذه الأحاديث، وهو قول أشهب وعلي بن زياد من أصحابنا، ومشهور مذهب مالك: أنه لا يصليهما قبل الصبح الفائتة، وهو قول الثوري والليث أخذاً بحديث ابن شهاب ومن وافقه ولأنها تزداد بصلاة ما ليس بفرض فوتا. انتهى.
وبهذا تعلم أن مالكا رحمه الله تعالى لم يجتهد في معرض النص، وإنما عمل بما يراه مقتضى الحديث الذي ثبت عنده، وأما حديث الوادي فلم يبلغه من وجه يثبته عنده.
والله أعلم.