خلاصة الفتوى:
الإسلام حث على التسامح والعفو عن المخطئ، ورتب على ذلك الخير الكثير والثواب الجزيل عند الله تعالى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما أشرت به على صديقك صحيح وهو مقام الفضل الذي لا يصل إليه إلا الصابرون، وهو ما أشار إليه القرآن الكريم بقوله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34-35}، قال ابن كثير في التفسير: وما يلقاها يعني هذه الفعلة الكريمة الخصلة الشريفة إلا الذي صبروا بكظم الغيظ واحتمال الأذى، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم أي نصيب وافر من الخير وقيل: الحظ العظيم الجنة.
وهو من صفات الذين أعد الله لهم جنة عرضها السماوات والأرض، وفيهم يقول تعالى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:134}، إلى غير ذلك من نصوص الوحي من القرآن والسنة التي لا يتسع المقام لذكرها، فإذا كان العفو عن المخطئ بهذه المكانة في الإسلام والثواب الجزيل عند الله تعالى فلا ينبغي للعاقل أن يضيعه أو يستبدله بنزغات الشيطان. فالذي يعفو عن الناس يعفو الله عنه، وهذا من حيث العموم، أما إذا كان المخطئ مرتكباً لحد من حدود الله تعالى فإنه إذا بلغ السلطان فلا يجوز له أن يعفو عنه، وللمزيد من الفائدة في الموضوع انظر الفتوى رقم: 71999، والفتوى رقم: 13741.
والله أعلم.