الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمد لله الذي من عليك بهذا الشعور تجاه والدك، ونسأل الله جل وعلا أن يزيدك من فضله، ويرزقك الذرية الصالحة الطيبة البارة بك في حياتك وبعد مماتك.
واعلم أن حق والدك عليك عظيم ومهما فعلت فلن توفيه حقه، لأن الله قرن حق الوالدين وشكرهما بحقه وشكره، قال الله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36}، وقال سبحانه وتعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان:14}، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجزي ولد والداً إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه.
وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين من الكبائر، ففي حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين... الحديث وهو متفق عليه، ومن عق والده تعرض لسخط الله وعقابه، وعقوبة العقوق معجلة في الدنيا كما شهد بذلك الدليل الشرعي والواقع المرئي، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا البغي والعقوق. رواه الحاكم. وصححه ووافقه الذهبي، ولكن قد تكون هذه العقوبة بأن يبتلى بعقوق أولاده وقد تكون بغير ذلك، وراجع الفتوى رقم: 72424.
والذي نرشدك إليه ونذكرك به هو أن تشعر والدك بحبك له وأنك مشفق عليه من إجهاد نفسه في العمل ونحو ذلك، كما ينبغي أن توفر له ما يحتاجه من المال ولو بطريقة غير مباشرة ولا تحوجه إلى أن يأخذ دون علمك، مع العلم بأن له أن يملك من مالك ما يحتاج إليه، سواء بإذنك أو بغير إذنك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. رواه أبو داود، وراجع ذلك في الفتوى رقم: 7490.
كما عليك أيضاً أن تشعره بحرصك على استقامة حاله دينياً وعدم التلفظ بالكلام البذيء أو التفريط في الواجبات الشرعية أو اقتراف المحرمات، ونسأل الله تعالى أن يوفقك ويسددك في ذلك، وأما رجوعك إلى والدك فليس بلازم لا سيما إذا كان ذلك سيضر بمعيشتك.
والله أعلم.