خلاصة الفتوى: أنت مخلوق ضعيف مربوب خلقك الله تعالى ولا اختيار لك في خلقك، وأمانة التكليف حملتها ولست مختارا في ذلك، وعليك أن ترجو الجنة وتعمل لها، والخوف الحقيقي يقود إلى الطاعة والعمل؛ لا إلى القنوط واليأس.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن من أسماء الله تعالى الخالق فهو سبحانه يخلق ما يشاء لا معقب لحكمه ولا راد لأمره. قال تعالى: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ {الزمر: 62} وقال تعالى: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً {الفرقان: 2} وكل ما سوى الله تعالى فهو مخلوق مربوب ضعيف مفتقر إلى خالقه سبحانه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ {فاطر:15}
وأنت أخي السائل مخلوق ضعيف من مخلوقات الله، وخلق الإنسان ضعيفا، ليس لك من الأمر شيء، وليس لك اختيار في خلقك. قال تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ {القصص:68}، وأمانة التكليف حملها الإنسان كما أخبر الله بذلك، ومن أصدق من الله حديثا، وليس لك الآن اختيار في أن تحملها أو لا تحملها، وقد ذكرت أنك لا تريد الجنة وهذا خطأ بين، فإن الجنة هي الدار التي أعدها الله لعباده المؤمنين، ولهذا فالعاقل هو الذي يرجو الجنة ويسعى لها ويعمل للفوز بها.
واعلم أن الخوف من الله أمر محمود لكن الخوف الحقيقي لا يقود إلى القنوط واليأس من رحمة الله، بل الخوف الحقيقي الشرعي يجعل العبد يفر إلى الله لا منه. قال تعالى: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ {الذاريات: من الآية50}. وهكذا كان سادات الصالحين وعلى رأسهم سيدهم أجمعين رسول الله صلى الله عليه وسلم، قادهم الخوف إلى الفرار إلى الله وإلى الاجتهاد في الطاعة والعمل.
والله أعلم.