تفسير قوله تعالى في سورة الكهف (أردت أن أعيبها... فخشينا أن... فأراد بك ربك...)
23-8-2001 | إسلام ويب
السؤال:
في سورة الكهف في الآية رقم78 وردت كلمة أعيبها أي الضمير يعود على الرجل الصالح بينما في الآية التالية أصح الضمير للجمع فخشينا بينما في الآية التي بعدها أصبح أراد ربك فلماذا هذا الاختلاف إذا كان الفعل جميعه يعود للرجل الصالح والإرادة لله أرجو التوضيح ولكم الشكر
الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن الأفعال الثلاثة التي ذكر السائل لا تعود كلها إلى الرجل الصالح ، وإنما يعود عليه منها اثنان فقط ، وهما "أردت" و" فخشينا" ، بينما يعود الفعل الثالث الذي هو "أراد" على الله عز وجل ، وهذا ظاهر ، و ليس فيه إشكال؛ ولكنه من البلاغة بمكان ، ووجه ذلك أن الفعل الأخير -أراد ربك- أسندت فيه الإرادة لله تعالى ، لأن بلوغ الأشد لا يقدر عليه إلا الله عز وجل ، وأما في السفينة فأسند الفعل إلى الرجل الصالح ، لأن إحداث العيب بمقدور الإنسان ، كما أن الأدب يقتضي إسناد الخير إلى الله تعالى ، والشر إلى العباد ، وهنالك نكتة أخرى في عود الضمير على الرجل الصالح مرة مفردا ، ومرة بنون العظمة ، قال الشوكاني في الفتح الرباني: ( اعلم أنه قد وجد في الخضر عليه السلام المقتضي للمجيء بنون العظمة ، لما تفضل الله به عليه من العطايا العظيمة ، والمواهب الجسيمة ، التي من جملتها العلم الذي فضله الله به… إلى أن يقول : فكان هذا مسوغا صحيحا للمجيء بنون العظمة تارة ، وعدم المجيء بها أخرى ، فقال " فأردت أن أعيبها" وقال " فأردنا" ملاحظا في أحد الموضعين لما يستحقه من التعظيم ، تحدثاً بنعمة الله سبحانه وتعالى عليه ، وفي الموضع الآخر قاصدا للتواضع ، وأنه فرد من أفراد البشر ، غير ناظر إلى تلك المزايا التي اختصه الله تعالى بها ، مع كون ذلك هو الصيغة التي هي الأصل في تكلم الفرد) انتهى كلام الشوكاني بتصرف.
والله أعلم.