خلاصة الفتوى: فلا حرج في السكنى في طابق يعلو طابق الأبوين لأن وجودهما أسفل ربما أرفق بهما، وشعور المرء بالتقصير معهما أمر طيب لعظيم حقهما، وينبغي السعي في مرضاتهما ومحاولة بلوغ الغاية في ذلك وما داما راضيين عن ابنهما فإن ذلك يكفر ما قد يكون منه من تقصير أحيانا إذا كان منه؛ لأن الحق لهما فلهما تركه والتغاضي عنه. وأما مسألة مفتاح سكن الزوجة وتضايق الأم من تركه لدى أهلها فينبغي محاولة استعطافها وترضيها، وللزوجة ترك مفتاح بيتها الخاص بها أين تشاء، والأولى للزوجة أن تطيب خاطر أم الزوج بتركه لديها إذا لم يترتب عليه ضرر.
فطاعة الوالدين واجبة إلا في المعصية، وعقوق الوالدين من أعظم الذنوب كما هو مبين في الفتوى رقم: 17754.
وحق الأم في البر أعظم ومقدم على حق الوالد فضلا عن حق الزوجة، ولا يعني ذلك أن تظلم الزوجة من أجل إرضاء الأم، وعلى الزوج أن يقوم بحقوق أمه على أكمل وجه وبحقوق زوجته كذلك، هذا مع حثه لزوجته على الصبر والإحسان إلى الأم، لكن هنا إذا كان المفتاح هو لمسكن الزوجة الخاص بها فلا حرج عليها أن تودعه عند أهلها ولا تتركه عند أمك، ويمكن ترضية أمك بملاطفتها وإخبارها أن ذلك لم يكن لعدم الثقة بها وإنما حصل اتفاقا وهكذا مما يرضيها ويذهب ما بنفسها من الضيق للأم، ولتعلم الزوجة أن إكرام أم الزوج وأهله هو إكرام للزوج ومن حسن عشرته، فلتحرص على ذلك ولتكن عونا لك على بر أمك واجتماع شمل أسرتك.
وأما ما تشعر به أنت وإخوتك من التفصير تجاه أبويكم فهو شعور في محله لأن حقهما عظيم ولن تستطيعوا بلوغ غايته، لكن عليكم أن تسددوا وتقاربوا ولا تألوا جهدا في سبيل ذلك: و"لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"
وحسبكم أنهما راضيان عنكم فتلك مزية عظيمة ينبغي أن تحمدوا الله تعالى عليها وتشكروه، ونرجو أن يكفر ذلك ما كان منكم من تقصير سابق؛ لأن ذلك من حقهما وقد رضيا بدونه وتنازلا عنه.
وأما السكن في الطابق العلوي فوقهما فلا حرج فيه فلعل الأسفل يكون أرفق بهما كما في قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي أيوب الأنصاري لما نزل ضيفا عنده فكان أبو أيوب وزوجه في الأعلى والنبي صلى الله عليه وسلم في الأسفل فتحرجا من ذلك فأخبراه فأجابهما أن الأسفل أرفق به وبمن يغشونه والقصة بكاملها عند الطبراني في الكبير وعلاء الدين في كنز العمال.
فلا حرج عليك إذن في سكناك فوقهما ماداما راضيين به، ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 66308.
والله أعلم.