الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كنت تعلم أنك كنت تعامل الشخص المذكور بإنصاف وعدل ولا تظلمه فلا تخف من دعائه لأنه دعاء قطيعة وإثم، لكن يجب عليكما أن تكفا عن المشاتمة والمسابة، فإنه لا يجوز للمسلم أن يسب أخاه ظلماً وعدواناً، لقوله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه. وقوله: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. رواه الترمذي وأحمد.
ثم إن الصبر وكظم الغيظ والعفو والصفح عن المسيء من عزم الأمور ومن صفات المؤمنين المتقين، فينبغي لك أن تحمل نفسك على هذه الصفات لا خوفاً من الخصم ولا مذلة، ولكن تفعل ذلك ابتغاء ما عند الله تعالى، ولتقرأ هذه الآيات التالية وتفسيرها في كتب التفسير، قال الله تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:133-134}، وقال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40}، وقال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:22}، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.
هذا إذا كنت مظلوماً، أما إذا كنت ظالماً لا قدر الله، فعليك أن تتوب إلى الله تعالى من ظلم هذا الرجل وتستسمحه في الدنيا فإن ذلك أهون من معاناة عقاب الله تعالى في الآخرة، فقد روى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو شيء فليتحلله من قبل أن يؤخذ منه حين لا يكون دينار ولا درهم، فإن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإلا أخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه. ولئلا تنالك دعوة النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به. رواه مسلم. وفي البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطي بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يوفه أجره.
والله أعلم.