خلاصة الفتوى: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في معاطن الإبل خاصة دون بقية الأنعام، والعلة في ذلك كما قيل هو أنها تعمل عمل الشياطين فلا يأمن المصلي أن تنفر وهو يصلي وسطها فتفسد صلاته، ولا يصح قياس الإبل هنا على الغنم ولا غيرها لوجود النص الوارد في النهي عن الصلاة في معاطن الإبل، وهذا النهي محمول على الكراهة عند أكثر الفقهاء، وحمله الحنابلة على التحريم.. ثم إن حكم فضلات الحيوانات مختلف فيه بين الفقهاء، ولا علاقة له بالنهي عن الصلاة في معاطن الإبل لأن من يرى طهارتها من الفقهاء يرى النهي عن الصلاة في معاطن الإبل، ومن يرى عدم طهارتها يرى النهي عن الصلاة في معاطن الإبل أيضا.
فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن الصلاة في معاطن الإبل خاصة من بين سائر الأنعام، وعلة النهي في الإبل دون غيرها من الأنعام كونها تعمل عمل الشياطين، فهي كثيرة النفار والشرود فلا يأمن المصلي من أن تشوش عليه صلاته، وهذا محمول عند أكثر الفقهاء على الكراهة، وحمله الحنابلة على التحريم، والأصل في ذلك ما في صحيح مسلم عن جابر بن سمرة: أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا توضأ. قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم فتوضأ من لحوم الإبل. قال: أصلي في مرابض الغنم؟ قال: نعم. قال: أصلي في مبارك الإبل؟ قال: لا.
وفي سنن أبي داود عن البراء بن عازب قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مبارك الإبل؟ فقال: لا تصلوا في مبارك الإبل فإنها من الشياطين. وسئل عن الصلاة في مرابض الغنم؟ فقال: صلوا فيها فإنها بركة. والحديث صححه الألباني.
قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود: والحديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في مواضع الإبل وعلل ذلك بقوله: فإنها من الشياطين. أي الإبل خلقت من الشياطين كما في رواية ابن ماجه: فإنها خلقت من الشياطين. فهذا يدل على أن علة النهي كون الإبل من الشياطين لا غير، فالإبل تعمل عمل الشياطين والأجنة لأن الإبل كثيرة الشراد فتشوش قلب المصلي وتمنع الخشوع. قال الخطابي: قوله صلى الله عليه وسلم: فإنها من الشياطين يريد أنها لما فيها من النفار والشرود وربما أفسدت على المصلي صلاته، والعرب تسمي كل مارد شيطانا؛ كأنه يقول: كأن المصلي إذا صلى بحضرتها كان مغررا بصلاته لما لا يؤمن نفارها وخبطها المصلي. وهذا المعنى مأمون من الغنم لما فيها من السكون وضعف الحركة إذا هيجت. انتهى.
وإذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم النهي عن الصلاة في معاطن الإبل فلا يمكن قياسها على غيرها من الأنعام لأنه قياس في مقابل النص وهو غير صحيح.
ثم إنه لا علاقة للنهي عن الصلاة في معاطن الإبل بمسألة طهارة فضلات بهيمة الأنعام لأن من يرى طهارتها من الفقهاء يرى النهي عن الصلاة في معاطن الإبل، ومن يرى عدم طهارتها يرى النهي عن الصلاة في معاطن الإبل أيضا.
ولمزيد الفائدة والتوضيح في هذا المعنى يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 45041، والفتوى رقم: 12472، ولبيان مذاهب الفقهاء في الحكم على أبوال الحيوانات وأرواثها يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 65229.
أما نهيه صلى الله عليه وسلم عن أكل ما غذي بنجس فهو في الجلالة، وقد سبق بيان حكم أكلها والتفصيل في ذلك في الفتوى رقم: 43396.
وإذا علم أن الكثير من العلماء يرون طهارة أبوال الأنعام وأرواثها فلا مانع من استخدامها كأسمدة أو غيرها، بل لا مانع أيضا من استخدام الأسماد النجسة، ولا يتنجس الزرع بذلك لكن يغسل ظاهره إذا لاقى نجسا. قال النووي في المجموع: الزرع النابت على السرجين. قال الأصحاب: ليس هو نجس العين لكن ينجس بملاقاة النجاسة نجاسة مجاورة وإذا غسل طهر وإذا سنبل فحباته الخارجة طاهرة قطعا ولا حاجة إلى غسلها وهكذا القثاء والخيار وشبههما يكون طاهرا ولا حاجة إلى غسله. قال المتولي: وكذا الشجرة إذا سقيت ماء نجسا فأغصانها وأوراقها وثمارها طاهرة كلها، لأن الجميع فرع الشجرة ونماؤها.
وهذا موافق لمذهب مالك. وانظر الفتوى رقم: 53219، وللحنابلة قولان في هذه المسألة.
والله أعلم.