خلاصة الفتوى: الضمان الاجتماعي جائز بشروط، والحرمة تتعدد وتتعدى ذمة المكتسب إلى غيره.
فقد تقدمت لنا فتاوى في حكم الضمان الاجتماعي فقلنا إنه جائز بشروط: من أهمها أن لا تستثمر أموال المشتركين في مجالات محرمة شرعا، فإذا استثمر في مجالات محرمة لم يجز الاشتراك اختيارا.
أما ما كان من الضمان إجباريا فإنه لا إثم على المشترك، وما نتج عن الحرام من أرباح فيأخذها ويتصدق بها ويطيب له ما اقتطع منه فقط.
وأما القول بأنه لا ولاية للمشترك على ماله وبالتالي لا إثم عليه فهذا يمكن قبوله في الضمان الإجباري، أما الاختياري فلا يستقيم هذا القول، فالمشترك دخل الضمان باختياره ووكل المؤسسة في التصرف في ماله في تلك المجالات ورضي بهذا التصرف فكيف لا يؤاخذ ولا يلحقه إثم موكله.
وأما ما جاء في السؤال من أن فقهاء الحنفية يقولون إن الحرام لا يدخل ذمتين فهذه النسبة إليهم هكذا بدون تحقيق تعتبر بعيدة كل البعد عن الدقة فإنهم يقولون كما جاء في رد المحتار على الدر المختار الحرمة تتعدد مع العلم بها إلا في حق الوارث.
قال ابن عابدين الفقيه الحنفي المشهور: مطلب الحرمة وما نقل عن بعض الحنفية من أن الحرام لا يتعدى ذمتين محمول على ما إذا لم يعلم بذلك. وقوله إلا في حق الوارث أي فإنه إذا علم أن كسب مورثه حرام يحل له لكن إذا علم المالك بعينه فلا شك في حرمته ووجوب رده عليه.. وكذا لا يحل إذا علم الغصب مثلا وإن لم يعلم مالكه لما في البزازية أخذه مورثه رشوة أو ظلما إن علم ذلك بعينه لا يحل له أخذه وإلا فله أخذه حكما، أما في الديانة فيتصدق به.
ثم ذكر ابن عابدين أنه جاء في المجتبى في من مات وكسبه حرام فالميراث حلال أنه لا نأخذ بهذه الرواية وهو حرام مطلقا على الورثة.
وبعد هذا الذي نقلنا عن الحنفية لا يصح أن يقال إن تناول الحرام المعلوم جائز لما نقل عن بعضهم أن الحرام لا يتعدى ذمتين فضلا عن أن يقال إن الاشتراك في الضمان الاجتماعي المحرم واجب، فالقول بالوجوب شيء لا ينقص منه العجب لأنه في حال كان الضمان الاجتماعي جائزا فغاية ما يقال للناس إنه مشروع لكم أو يندب لكم أن تشتركوا لكي تدخروا وتنموا أموالكم لما يستقبل من الزمان، أما أنه يجب عليهم أن يدخروا وأن يتاجروا فلا.
والله أعلم.