الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا ريب أن بر الوالدين من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه جل وعلا، وذلك لأن رضاه سبحانه في رضاهما وسخطه في سخطهما، ففي الترمذي من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الله في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. وفي الترمذي أيضا عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.
فينبغي لك أن تكوني سعيدة ببر زوجك لأمه، وطاعته لها، لأن في ذلك رضى الله عز وجل عنه وعنك إذا أعنتيه على ذلك.
أما بخصوص ما تطلب منه والدته من مال فإن كانت في حاجة إليه للنفقة أو نحوها من الأمور الضرورية فيجب عليه إعطاؤه ما يكفيها لسد تلك الحاجة، لأن نفقتها تجب عليه في هذه الحالة، هذا إذا كان لديه مال، أما إذا لم يكن لديه فلا تكلف نفس إلا وسعها.
وأما إن كانت أمه غير محتاجة إلى النفقة ولديها من المال ما يكفيها فلا يجب عليه إعطاؤها ما تطلب من المال، لاسيما إذا كانت تنفقه على وجه السرف والسفه كما ذكرت، قال الشوكاني رحمه الله: فيدل على أن الرجل مشارك لولده في ماله، فيجوز له الأكل منه، سواء أذن الولد أو لم يأذن، ويجوز له أيضاً أن يتصرف به كما يتصرف بماله، ما دام محتاجاً، ولم يكن ذلك على وجه السرف والسفه. انتهى.
وقال ابن الجزري في النهاية في غريب الحديث: أنت ومالك لأبيك على معنى أنه إذا احتاج إلى مالك أخذ منك قدر الحاجة،.. فأما أن يكون أراد به إباحة ماله حتى يجتاحه ويأتي عليه سرفاً وتبذيراً، فلا أعلم أحداً ذهب إليه." اهـ
ولا يجوز لزوجك بحال أن يأخذ من مالك لنفسه أو لغيره إلا بإذنك ورضاك، وذلك لعموم قوله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ. البقرة:188 ، وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه. أخرجه الدارقطني. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 4556.
والله أعلم.