خلاصة الفتوى:
كلا في الآية الأولى للرد والإنكار... وفي الثانية صلة لما بعدها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن أهل العلم يقولون إن (كلا) حرف ردع وزجر وإنكار وتنبيه ورد... وقال بعضهم: إنها تأتي في القرآن لمعنيين: أحدهما حقاً، والثاني: لا.
والفرق بينها في الآيتين المشار إليهما يتضح من السياق.. ففي الآية الأولى إنكار ورد لتعزز المشركين بالآلهة التي اتخذوها من دون الله وأنها ستكون ضدهم يوم القيامة وذلا عليهم... قال الله تعالى: وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا* كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا {مريم:81-82}.
وأما في الآية الثانية فهي بمعنى حقاً -كما قال أهل التفسير- وهي صلة للقمر والتقدير أي والقمر، وجعلها بعضهم رداً على الذين زعموا أنهم يقاومون خزنه جهنم، أي ليس الأمر كما يقول من زعم أنه يقاوم خزنة النار، قال الله تعالى: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ* كَلَّا وَالْقَمَرِ {المدثر:31-32}.
وللفائدة فقد نقل القرطبي عن بعضهم: ليس في النصف الأول من القرآن ذكر كلا وإنما جاء ذكره في النصف الثاني. وهو يكون بمعنيين: أحدهما: بمعنى حقاً. والثاني: بمعنى لا، فإذا كانت بمعنى حقاً جاز الوقف على ما قبله، ثم تبتدئ كلا أي حقاً، وإذا كانت بمعنى لا، كان الوقف على كلا جائزاً.
ونقل السيوطي عن بعضهم قوله: متى سمعت كلا في سورة فاحكم بأنها مكية لأن فيها معنى التهديد والوعيد وأكثر ما نزل ذلك بمكة لأن أكثر العتو كان بها.
والله أعلم.