الحمد الله الذي رفع أهل العلم أعلى الدرجات ، والصلاة والسلام على من أسكنه ربه أعلى الجنات محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليمـًا كثيرا .. وبعد :
فهذه ترجمة مختصرة لعلم من أعلام القضاء في الجزيرة العربية وعالم من علمائها الأفذاذ الشيخ العلامة عبد الله بن زيد آل محمود رحمه الله تعالى رحمة واسعة .
اسمه ونسبه
هو العالم الجليل والفاضل النبيل، الشيخ العلامة " عبد الله بن زيد بن عبد الله بن محمد بن راشد بن إبراهيم بن محمود " ينتهي نسبه إلى الأشراف من ذرية الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما . كنيته : أبو محمد ومحمد أكبر أبنائه .
مولده ونشأته
ولد الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود بحوطة بني تميم في نجد عام 1329هـ ، وقد نشأ بها في كنف والديه ، وقد توفى أبوه ولم يبلغ الشيخ عبد الله سن الرشد ، فتولى رعايته خاله حسن بن صالح الشثري ، وقد سمت همته لطلب العلم منذ الصغر ، فتلقى العلم على عدد من مشايخ الحوطة.
وكان قد بدأ بالقرآن الكريم فحفظه وهو صغير ، وبدأ بدراسة العلم مع ما موهبة الله من استعاب ذهني ؛ حيث فاق زملأؤه في الطلب ، وتقدم إمامـًا على جماعته في الصلاة والتراويح ، ويم يتجاوز سنه الخامس عشرة .
وقد وفق لطلب العلم على عدد من أئمة الدعوة السلفية في زمنه ،فأخذ عنهم العلم الشرعي، ومنهم :
1- مفتي الديار السعودية العلامة الشيخ / محمد بن إبراهيم آل الشيخ المتوفي سنة 1389هـ .
2- العلامة الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع المتوفي سنة 1385هـ .
3- الشيخ / عبد العزيز بن محمد الشثري المتوفي سنة 1387هـ وهو الشهير بأبي حبيب .
4- الشيخ / عبد الملك بن الشيخ إبراهيم بن عبد الملك بن حسين آل الشيخ .
نبـوغه في العلم
ومن شواهد نبوغ الشيخ عبد الله استظهاره لعدد من المتون العلمية ومنها :
1- في العقيدة : الأصول الثلاثة وكشف الشبهات ، وكتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ ، والواسطية لشيخ الإسلام بن تيمية ـ رحمه الله ـ .
2- وفي الحديث : بلوغ المرام للحافظ بن حجر ، وعمدة الحديث للحافظ عبد الغني المقدسي ، وحفظ ألفية السيوطي في مصطلح الحديث .
3- وفي الفقه: آداب المشي إلى الصلاة ، وزاد المستقنع ، ونظم المقنع لابن عبد القوي .
4- في العربية : حفظ متن الآجرومية ، وقطر الندى لابن هشام ، وألفية ابن مالك .
أعماله
تولى الوعظ والتدريس بالمسجد الحرام بتكليف من مفتي المملكة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ، وقد مكث ما يقرب من سنة في مكة ، ثم رحل إلى قطر لتولي القضاء فيها بعد أن رشحه الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع بمباركة من الملك عبد العزيز آل سعود ، والشيخ عبد الله بن قاسم آل ثاني .
وقد باشر عمله بالقضاء والخطابة والتدريس منذ وصوله إلى قطر ، ولم يزل فيها إلى أن توفي
مع تردده إلى مسقط رأسه ومرتع صباه ( الحوطة ) جنوب مدينة الرياض .
صفاته
كان الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود يتمتع إلى جانب العلم الواسع بتواضع جم وحكمة ولباقة في تيسير المسائل الشرعية ، وبيان مشرق عذب في الخطابة والمحاضرة ، وصياغة جميلة وأسلوب رصين في الكتابة والتأليف في المواضيع الإسلامية التي عالجها وفي المشاكل التي يواجهها المسلمون اليوم .
ولخصاله الحميدة وأخلاقه الجميلة كان موضع حب الناس وتقديرهم على اختلاف الطبقات .
مؤلفاته
ألف ـ رحمه الله ـ الكثير من الرسائل والكتب المهمة ، تناول بعضها اجتهاداته في الأمور الشرعية وقد جاوزت مؤلفاته الستين رسالة .
منها : تيسر الإسلام ، بدعة الاحتفال بالمولد ، أحكام عقود التأمين ، الجهاد المشروع في الإسلام ، الأحكام الشرعية ومنافاتها للقوانين الوضعية ، كتاب الصيام ، الحكم الجامعة لشتى العلوم النافعة.
وفاته
بعد حياة حافلة في خدمة الإسلام والمسلمين أدى فيها الشيخ دورًا مهمـًا وفاعـلاً في الحياة العلمية والاجتماعية على نحو مشرف وغاية سامية نبيلة .
انتقل الشيخ إلى جوار ربه سبحانه وتعالى في حوالي الساعة التاسعة من صباح يوم الخميس في أواخر العشر المباركة من الشهر الفضيل رمضان ، وذلك في اليوم الثامن والعشرين منه من عام 1417هـ الموافق للسادس من فبراير لعام 1997م عن عمر ناهز التسعين عامــًا .
وصلى عليه بالمسجد الكبير ، بعد صلاة عصر يوم الخميس ، وقد أم المصلين للصلاة عليه فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي ، وقد ازدحمت جنبات المقبرة وغصت بالناس وقد بكاه أهل قطر رجالاً ونساءً ، وقد رؤيت له رؤى حسنة قبل وفاته وبعدها .
فجزاه الله خيرًا .. وأدخله فسيح جناته .. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
- الكاتب:
عمر تهاني - التصنيف:
من أعلام الدعوة