المرأة هي محور الاتزان في أي أمة، ومكانها من المجتمع المسلم وغيره تمامًا كمكان القلب من البدن، فكما أن القلب إذا صَحَّ صحَّ سائر الجسد، وإذا فسد فسَدَ سائر الجسد، فكذلك المرأة إذا صلحت صلح المجتمع، وإذا فسدت فسد المجتمع.
قال بعضهم: إن المرأة على ضعفها لتمتلك مجموعة من المواهب والإمكانات والطاقات التي تجعلها جديرة أن تبني أمة أو تهدم أمة.
وفي كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أتيت أمة قط إلاَّ من قبل نسائهم".
وفي الترمذي: "إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء".
فإذا كان باستطاعة المرأة أن تبني أمة وتهدمها وتقيم أمة وتقعدها لم يكن غريبا أن يهتم بأمرها أعداء الإسلام اهتماما بالغا، ويحاربوا الإسلام في شخصها ليهدموه من خلال هدمها، وقد بذلوا في سبيل ذلك كل ما في وسعهم في حرب مسعورة لا هوادة فيها وصفها الشيخ "على الطنطاوي" ووصف القائمين عليها بقوله: "إنها عقول كبيرة جدًا، شريرة جدًّا، تمدها قوى قوية جدًّا، وأموال كثيرة جدًّا، كل ذلك مسخر لحرب الإسلام على خطط محكمة، والمسلمون أكثرهم غافلون: يجد أعداؤهم ويهزلون، ويسهر خصومهم وينامون، أولئك يحاربون صفًا واحدًا والمسلمون قد مزقت بينهم خلافات في الرأي ومطامع في الدنيا".
ولقد استطاع هؤلاء من خلال مكرهم الكبار أن يوهموا المرأة أنها في حرب مع الرجل الذي سلبها حريتها، واغتصبها حقوقها، وأنهم هم أولياؤها ونصراؤها في معركتها لنيل حريتها المطلقة وانتزاع حقوقها المهضومة من بين براثن هؤلاء الرجال المتوحشين الظالمين، وأقاموا لهم وكلاء في بلادنا (صنعوهم على أعينهم) ليقودوا المعركة من الداخل؛ ليكونوا أخبر بالواقع وأعلم بالحال، فقاموا بالمهمة خير قيام حتى كانوا أفسد من أوليائهم وأشد ضررا من أسيادهم.
الأول: هدم الدين والتخلص منه كليا.
والثاني: نزع العفة والحياء والشرف عن المرأة والمناداة بالحرية الجنسية الكاملة لها.
هدم الدين
إن الذي يطالع كتابات هؤلاء الذين تصدروا أو صدروا أنفسهم للدفاع عن المرأة يجد أكثرهم في غير خندق الدين بل في خندق أعدائه، فكلامهم غمز ولمز في الدين وأهله، بل ربما زاد إلى الطعن الصريح والعداوة التامة للدين وأتباعه، فخصلة الجرأة على الإسلام ورموزه، والتطاول المزعج على ثوابته وقطعياته، تكاد تكون قاسمًا مشتركًا بين أولئك جميعًا، يتطرفون فيه إلى حدٍّ خطير، وبدرجة تُقهِم - بوضوح لا لبس فيه - أنهم لا يؤمنون بدين، ولا إله، ولا كتب سماوية، وإن تستروا عند الاضطرار بكلمات مطاطة موهمة، تنزاح إذا خلوا إلى شياطينهم، أو دارت رؤوسهم.
.. ونحن لا نتجنى عليهم ولا نقولهم ما لم يقولوه، بل هذه أقوالهم مسطرة بأيديهم وفي كتبهم:
فيرى هشام شرابي: "أن للدين دورًا في إعاقة التطور الاجتماعي، إذ يساهم في بلورة القيود الاجتماعية وما تحتويه من العادات والتقاليد". (أثر التكنولوجيا على المرأة العربية: بحث لحنان عواد، غير منشور)
وتذهب حنان عواد إلى: "أن معظم القوانين الحقوقية مستمدة من القوانين الدينية، التي تتميز باستاتيكية متناقضة مع كل العوامل الحضارية التي تبعث على التغيير، وأن الدين يقف حجر عثرة أمام عوامل التغيير التي تدخل بفعل تأثير التكنولوجيا، كما يلعب دورًا هامًا في تجميد حرية الأفراد. وأن الأفكار الدينية تتغلغل - بقسوة - داخل التقاليد والأعراف الاجتماعية التي تعمل على تدعيم الأفكار التي تعرقل مسيرة المرأة الثورية، وتحد من حراكها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي". (أثر التكنولوجيا على المرأة العربية).
وتقول بعد كلامها السابق: "في ظروف رسمية واجتماعية وفكرية كهذه، يستحيل نشوء علاقة إنسانية وبناءة، بين رجل وامرأة، خارج السرير وداخله.
وبعد كلام خليل أحمد خليل السابق ووصفه لأحكام الإسلام بأنها "غير مشرفة وغير مقبولة، وأنها تؤكد عبودية المرأة وقهرها"، حاولنا أن نفهم كيف تتحرر إذن من هذه العبودية فكان الرد من كلامه: "إن الحداثة العقلية تعني حق المرأة في التحرر الجنسي فهي سيدة جسدها".
تفكر طــــويلاً يا جهــولا ترادفت.. ... ..عليه المخازي فهي في متنه أسر
نبذت نفيس الـدر واخترت هذه.. ... ..ومن يكره الياقوت يعجـــبه البعــــر
فأصبحت مصــبوبًا عليه شـتائم.. ... ..كما كان مشبوبًا على قلبك الجمر
ألا يا نصــير الكفـــر ويلك فاتئــد.. ... ..ولا تنطـــح الصفوان يدفعـك الصخر
لقد ضل من أغراك بالسب والهجا.. ...كمـــا زل من أغـــواك نيته المـكــر
فما أنت في دعـــواك إلاَّ منافقٍ.. ... ..كأصحابك النَّوْكَى وهم في الورى كُثْرُ
فأنتم فساد الناس في كل أمة.. ... ..وجرثومة يضني بها الجسم والفكــرُ