( 14 ) البصر: صفة لله مأخوذة من اسم الله "البصير" الوارد في آيات وأحاديث كثيرة منها قوله تعالى:{ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }(الشورى:11) ومن الأحاديث قوله - عليه الصلاة والسلام -: ( يا أيها الناس! أربعــوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً، ولكن تدعون سميعاً بَصيراً ) رواه البخاري ومعنى صفة البصر أن الله يرى كل مرئي مهما عظم أو دق فلا يحتجب عنه شيء.
( 15 ) البقاء: صفة لله مأخوذة من قوله تعالى:{ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام }(الرحمن:27 ) ومعنى هذه الصفة أن الله متصف بالبقاء الدائم الذي لا يلحقه عدم ولا فناء .
( 16 ) التشريع: صفة لله مأخوذة من قوله تعالى:{ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك }(الشورى: 13) ومعنى هذه الصفة أن الله هو الذي يبين للناس ما يحل لهم فيأتوه، وما يحرم عليه فيجتنبوه، وما يباح لهم فيكون لهم الخيار في فعله أو تركه .
( 17 ) التقديم والتأخير: وهما صفتان لله مأخوذتان من قوله - صلى الله عليه وسلم - في دعائه: ( اللهم اغفر لي ما قدمت، وما أخرت، وما أسررت، وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير ) رواه البخاري ومسلم ومعنى هاتين الصفتين أن الله هو الذي ينزل الأشياء منازلها، فيقدم ما يشاء فضلاً ويؤخر ما يشاء عدلا، ويرفع من يشاء، ويذل من يشاء، لا مقدم لما أخر ، ولا مؤخر لما قدم .
( 14 ) التَّوب: صفة لله مأخوذة من اسمه التواب، الوارد في قوله تعالى: { فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم }(البقرة: 37 ) وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها؛ تابَ الله عليه ) رواه مسلم وقوله أيضا: ( لو أنَّ لابن آدم وادياً من ذهب؛ أحب أن يكون له واديان ، ولن يملأ فاه إلا التراب ، ويتوبُ الله على من تاب ) رواه البخاري ومسلم . ومعنى هذه الصفة ( التوب ) أي الذي يتفضل على عباده فيوفقهم للتوبة بالإقلاع عن ذنوبهم، ثم يقبل منهم توبتهم، ويجزيهم عليها، ويبدل سيئاتهم التي تابوا منها حسنات .
( 15 ) الجبروت: صفة لله مأخوذة من اسمه الجبار، الوارد في قوله تعالى: { العزيز الجبار المتكبر }(الحشر: 23) والوارد في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة ) رواه أبو داود والنسائي . ومعنى هذه الصفة: أن الله سبحانه متصف بالتعالي والقهر فهو سبحانه فوق كل شيء وليس فوقه شيء، وهو سبحانه الذي قهر العباد بأمره الكوني فلا يخرج أحد عن سلطانه، فهو الذي يحيي ويميت، ويرزق ويفقر، ويعز ويذل، ويفعل ما يشاء في خلقه لا راد لأمره، ولا ناقض لقضائه .
(16) الجلال: صفة لله مأخوذة من قوله تعالى:{ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام }(الرحمن:27)، ومأخوذة أيضاً من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( يقول - أي الله -: وعزَّتي وجلالي وكبريائي وعظمتي؛ لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله ) رواه البخاري ومعنى هذه الصفة أن الله متصف بالغاية من عظم القدر والرفعة والشرف والسؤدد .
( 17 ) الجمال: صفة لله مأخوذة من اسمه الجميل، الوارد في قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله جميل يحب الجمال ) رواه مسلم ومعنى هذه الصفة أن الله له الحسن المطلق والجمال المتفرد الذي لا يشبهه أحد فيه، ويكفي لبيان جمال الله أن أهل الجنة مع ما هم فيه من النعيم المقيم، وأفانين اللذات والسرور التي لا يُقدر قدرها، إذا رأوا ربهم، وتمتعوا بالنظر إلى وجهه الكريم؛ نسوا كل ما هم فيه، واضمحل عندهم هذا النعيم، وودوا لو تدوم لهم هذه الحال، ولم يكن شيء أحب إليهم من الاستغراق في شهود هذا الجمال، واكتسبوا من جماله ونوره سبحانه جمالاً إلى جمالهم، وبقوا في شوق دائم إلى رؤيته، حتى إنهم يفرحون بيوم رؤية الله فرحاً تكاد تطير له القلوب .
( 18 ) الجود: صفة لله مأخوذة من اسمه الجواد، الوارد في قوله - صلى الله عليه وسلم -:( إن الله جواد يحب الجود ) رواه الترمذي ومعنى هذه الصفة اتصاف الله بكثرة العطاء والإحسان فجوده وفضله عم الوجود كله .
( 19 ) الحُكم: صفة لله مأخوذة من قوله تعالى: { أفغير الله أبتغي حكماً }(الأنعام: 114) ومن قوله تعالى:{ فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين }(الأعراف:87) وفي حديث هانئ بن يزيد - رضي الله عنه -؛ أنه لما وفد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع قومه؛ سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ( إنَّ الله هو الحَكَم، وإليه الحُكم ) رواه أبو داود والنسائي . ومعنى هذه الصفة أن الله هو المشرّع المبين لأحكام الحلال والحرام، وأن الناس إنما تصدر عن تشريعه وحكمه، فلا يُحلل إلا ما حلله الله، ولا يُحرّم إلا ما حرمه الله .
( 20 ) الحب: صفة لله مأخوذة من قوله تعالى: { وأحسنوا إن الله يحب المحسنين }(البقرة: 195 ) وقوله:{ فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه }(المائدة:54) وفي الحديث قال - صلى الله عليه وسلم يوم خيبر -: ( .. لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يُحـبُّ اللهَ ورسولهَ، ويحبُّه اللهُ ورسولـهُُ ) رواه البخـاري، ومسلم . ومعنى هذه الصفة أن الله يود أولياءه، ويلطف بهم ،ويحسن إليهم، ويتفضل عليهم بأنواع اللطائف والمنن .
( 21 ) الحسيب: صفة لله مأخوذة من اسمه الحسيب الوارد في قوله تعالى: { إن الله كان على كل شيء حسيباً }(النساء:86 ) والوارد في حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( إن كان أحدكم مادحاً لا محالة؛ فليقل: أحسب كذا وكذا - إن كان يرى أنه كذلك -، وحسيبه الله، ولا يُزكِّى على الله أحداً ) رواه البخاري ومسلم ومعنى هذه الصفة أن الله يعلم مقادير الأشياء وأعدادها، فهو يعلم مقادير ذرات الرمال، وعدد قطر البحار والأمطار، ويعلم عدد ما عمل الناس من حسنات وسيئات لا تخفى عليه خافية، ولا يغيب عنه شيء .
( 22 ) الحِفْظُ: صفةٌ لله مأخوذة من اسميه الحافظ والحفيظ الثابتين بالكتاب والسنة قال تعالى:{ إن ربي على كل شيء حفيظ }(هود: 57 ) وقوله:{ فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين }(يوسف:64) وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - المشهور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( .. احفظ الله يحفظك.. ) رواه الترمذي ومعنى هذه الصفة أن الله الحافظ للسموات والأرض وما فيهما مدة بقائهما فلا تزول ولا تدثر، وهو الذي يحفظ عباده من المهالك والمعاطب ويقيهم مصارع الشر، ويحفظ على الخلق أعمالهم ، ويحصي عليهم أقوالهم، ويعلم نياتهم وما تكن صدورهم، فلا تغيب عنه غائبة، ولا تخفى عليه خافية، ويحفظ أولياءه فيعصمهم عن مواقعة الذنوب، ويحرسهم من مكائد الشيطان، ليسلموا من شره وفتنته .
( 23 ) الاحتفاء: صفة لله مأخوذة من قوله تعالى:{ قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً }(مريم: 47 )، ومعنى الاحتفاء أي المبالغة في الإكرام واللطف والعناية بأمر عبده المؤمن .
( 24 ) الحق: صفة لله مأخوذة من اسمه الحق قال تعالى:{ ذلك بأن الله هو الحق }(الحج: 6 ) وقال تعالى: { فتعالى الله الملك الحق }(طه: 114 ) وفي حديث ابن عباس - رضــي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( .. أنت الحق وقولك الحق ) رواه البخاري ، ومعنى الحق الأمر الثابت الذي لا يسع إنكاره، ويلزم إثباته والاعتراف به، ووجود الباري عز ذكره أولى ما يجب الاعتراف به ولا يسع أحد جحوده؛ إذ لا مثبت تظاهرت عليه من الدلائل البينة الباهرة ما تظاهرت على وجود الباري جل ثناؤه .
( 25 ) الحكمة: صفة لله مأخوذة من اسمه الحكيم، قال الله عز وجل: { والله عليم حكيم }(النساء: 26 ) وفي الحديث عن مصعب بن سعد ، عن أبيه، قال: جاء إلى رسول الله أعرابي فقال: علمني كلاما أقوله: قال: ( قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم .. ) رواه مسلم ومعنى الحكمة: يشمل القوة والمنع والعلم والإتقان وكلها في حق الله ثابتة، فالله هو القادر القوي المانع، وهو العالم حقاً الذي وسع كل شيء علماً، وهو الذي وضع كل شيء موضعه، وهو الذي خلق الخلق فأحسن خلقه وأتقنه.
( 26 ) الْحِِلْمُ: صفة لله ثابتة مأخوذة من اسمه الحليم، قال تعالى: { والله غني حليم }(البقرة: 263) وقوله: { إنه كان حليما غفوراً }(فاطر: 41) وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما – أنه كان من دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم - قوله: ( لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ) رواه البخاري ومسلم . ومعنى هذه الصفة أن الله متصف بالصفح والأناة مع القدرة على إيقاع العقوبة، فهو سبحانه لا يستفزه غضب غاضب، ولا يستخفه جهل جاهل، ولا عصيان عاص، ولا يستحق وصف الحلم من صفح عن ضعف، وإنما الحليم هو الصفوح مع القدرة ، المتأني الذي لا يعجل بالعقوبة .