لقد تولى الله تعالى عز وجل بنفسه تقدير الفرائض ولم يفوض ذلك إلى ملك مقرب ولا إلى نبي مرسل، فبين لكل وارث ما له من التركة وفصلها غالباً، بخلاف كثير من الأحكام التي جاءت مجملة في الكتاب وفصلتها سنة النبي صلى الله عليه وسلم كالصلاة والزكاة والحج، فالفرائض أنزلت فيها الآيات مفصلة كما في بداية سورة النساء وفي آخرها، وسمى هذه الفرائض حدوده ووعد على الوقوف عندها وعدم تجاوزها بالثواب وتوعد من تعداها بالعذاب فقال تعالى: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ)، [النساء- 13-14].
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: وقد ورد الترغيب في تعلم الفرائض وهذه الفرائض الخاصة من أهم ذلك، وقد روى أبو داود وابن ماجه من حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العلم ثلاثة، وما سوى ذلك فهو فضل : آية محكمة، أو سنة قائمة، أو فريضة عادلة.... انتهى.
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقسمة الفرائض بين أهلها فقال: اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر... متفق عليه واللفظ لمسلم.
وقد سمى العلماء علم الفرائض نصف العلم، قال ابن عيينة: إنما سمى الفرائض نصف العلم، لأنه يبتلى به الناس كلهم... انتهى.