تؤكد دراسات واستبيانات عديدة في معظم أنحاء العالم أن الأزواج والزوجات معا يفضلون الرشاقة على البدانة، ومع ذلك تزداد نسبة السمنة بينهما، فيما يظل الزوج يطالب الزوجة برشاقة الغزلان بالمقابل يطلب دائما منها أطايب الطعام التي تصيبها وتصيبه بالسمنة، وقد بينت أحدث إحصائية أن نسبة العربيات البدينات تراوحت بين 42 - 68%، وهي نسبة تفوق معدل أربع دول في العالم خضعت للدراسة ولم تصل إلا إلى 60%
البدانة والصحة الإنجابية
السمنة المفرطة تحول مريضها إلى أسير لا يستطيع الاستمتاع بحياته أو علاقته الحميمة مع شريك عمره في كثير من الأحيان، فلقد كشفت دراسة طبية أنه من المحتمل جدا أن ينجب المراهقون والمراهقات الذين يعانون من البدانة عددا أقل من الأطفال عندما يصبحون بالغين. وأكدت الدراسة أن البدانة لها صلة بصعوبات الإنجاب بسبب علاقتها الوثيقة بمشكلات الخصوبة. فعلى سبيل المثال يمكن أن يكون للبدانة دورا كبيرا في الإصابة بتكيس المبايض، كما أنها تزيد من خطر عدد من مشكلات الحمل.
وتزيد البدانة من خطر الإصابة بضعف الانتصاب عند الرجل، وربما العقم أيضا ( زيادة 9 كجم في وزن الرجل تزيد احتمال إصابته بالعقم بنسبة 10% ). إضافة إلى أن الرجال الذين يعانون من البدانة المفرطة تقلّ لديهم نسبة هرمون الذكورة، بينما تزيد لديهم نسبة هرمون الأنوثة، ويحدث العكس لدى النساء، مما يتسبب في ضعف الرغبة الجنسية.
والسمنة غالبا ما تُسبب التهابات فطرية وانبعاث روائح كريهة من الجلد، وتلوّثاً في المناطق التناسلية ما يؤدي إلى تسلّخات والتهابات، وكلها عوامل تؤثّر على المعاشرة الزوجية، وقد تكون من أسباب فقدان الرغبة فيها كلية.
كما أظهرت دراسة جديدة أن فرصة الحمل لدى الزوجين البدينين أقل بكثير منها لدى الزوجين النحيفين. فلقد أجرى باحثون دنمركيون دراسة على 47835 من الأزواج والزوجات في الفترة بين سنة 1996 - 2002 لكشف أثر البدانة على الخصوبة لديهم، وأظهرت الدراسة أنه إذا كان كلا من الزوجين بدينان فإن احتمال انتظارهما لما يقارب من عام قبل حدوث حمل، وقد يزيد إلى ما يصل لثلاثة أضعاف المعدل لدى الأزواج ذوي الوزن العادي، فضلا أن السيدات البدينات اللاتي يتمكن من الحمل بالفعل يحتجن إلى المزيد من المعدات ومن طاقم العمل في المستشفيات بسبب زيادة المخاطر الناتجة عن مضاعفات الحمل لديهن كبدينات.
البدانة والصحة العامة
قال باحثون أمريكيون: إن البدانة من أكثر عوامل المخاطر المنفردة للإصابة بسرطان القولون لدى النساء. ووجد الباحثون أن النساء اللاتي أصبن بورم غير خبيث بالغشاء المخاطي في القولون - الذي يحتمل تحوله إلى سرطان - كن أكثر استعدادا للبدانة مقارنة بنظرائهن اللاتي لم يواجهن مثل هذه المشكلة. وخلصوا إلى أن البدانة هي أكثر عامل تنبؤ - مقارنة بالتدخين أو التاريخ العائلي - للإصابة بسرطان القولون. " فواحدة من بين كل خمس حالات إصابة ربما يمكن إرجاعها إلى البدانة ".
وإضافة إلى القائمة الطويلة للمشكلات الصحية التي تسببها البدانة عند الفتيات والشابات، أظهرت الدراسات الجديدة أن البدينات والمفرطات في الوزن أكثر عرضة من غيرهن للإصابة بأزمات الربو الحادة. حيث لاحظ الباحثون أن مشكلات الوزن كانت المسئولة عن ظهور 28% من حالات الربو الجديدة بين الفتيات والنساء في سن 9 - 26 عاما، ويعتقد العلماء أن السبب يرجع جزئيا إلى زيادة مستويات دهون الجسم عند النساء بعد فترة البلوغ، أو بسبب دور الهرمونات الجنسية الأنثوية.
بل إن مشكلة البدانة امتدت إلى أطفال النساء البدينات إذ تزيد فرص إصابتهم بتشوهات وإعاقات خلقية (سبعة من بين كل 16 من الإعاقات الخلقية كانت من نصيب أبناء الأمهات البدينات) ومن بين هذه الإعاقات الخلقية: مشكلات في القلب، وخلل في نمو النخاع الشوكي ينتج عنه مشكلات في الحركة، وغيرها من الإعاقات التي تصل في بعض الأحيان إلى اندثار الأطراف.
الزوج قد يكون السبب
يقول أخصائي أمراض جهاز المناعة د . جاكوب تيتيلبوم : " يعمل هرمون الكورتيزون في الحالات العادية على تعزيز جهاز المناعة، إلا أن مستوى إفرازه يزداد في الجسم حينما يتعرض المرء إلى الضغوطات النفسية، مما يؤدي بدوره إلى انخفاض في إنتاج الأجسام المضادة داخل الجسم فيضعف جهاز المناعة؛ كما أن زيادة إفراز هذا الهرمون قد تقود إلى زيادة الوزن، ولذلك فإن الزوج البغيض قد يكون سبباً مباشراً في مرض زوجته وزيادة وزنها".
يذكر أن رفض الأزواج لممارسة زوجاتهم للرياضة أو الخروج لممارسة أي نشاط لتخفيف الوزن يشكل عائقا رئيسا، إلى جانب عدم وجود أندية اقتصادية تذهب إليها الزوجات خاصة مع ارتفاع رسوم الاشتراك في الأندية التجارية.
كما أن التزامات الزوجة المنزلية تقلل من دوافعها لتخفيف وزنها، ويزيد من قوة هذا العائق عدم تحمل الرجل للمسؤولية داخل المنزل، فكثيرا ما يرفض الأزواج مساعدة زوجاتهم بمراقبة الأبناء – مثلا - في المنزل لفترة محدودة تستطيع فيها الزوجة
ممارسة الرياضة.
أيضا يلعب الطلاق والعنوسة دورا رئيسيا في ارتفاع نسبة السمنة لدى النساء، فقد ثبت علمياً أن الإحساس بالملل أو الفشل يزيدان من التوجه إلى الطعام كتعويض لا شعوري عن الكبت النفسي والعاطفي، لأن للطعام بحد ذاته لذّة تقطع حبل التوتر لدى المرأة، وأبحاث أخرى تقول إن في الشيكولاته مادة تزيل الكآبة وتبعث على السعادة.
ولا ننسى تأثير وسائل الإعلام والإعلان التي تروج لمستحضراتها الخاصة بالتجميل وتخفيف الوزن بالاستعانة بعارضات رشيقات، وتقدمهن على أنهن النموذج الذي يجب أن يحتذي به. وقد تطيق الزوجة البدينة كل هذه الاستفزازات، إلا عبارة سخرية تخرج من فم زوجها، تأخذ بجسدها المثقل - بالدهون والهموم - عالياً وتلقيه أرضاً دفعة واحدة.
الزواج برئ
ظاهرة البدانة تنتشر بوضوح بين الزوجات العربيات، ويرجع السبب في أن الفتاة في مجتمعنا تهتم برشاقتها جدا قبل الزواج، وتتبع نظاما غذائيا صحيا وتمارس الرياضة، لكنها بعد الزواج وإنجاب الطفل الأول تهمل نفسها، وغالبا ما تترك عملها وتستقر في البيت وما يترافق مع هذا من قلة الحركة، فضلا عن أنها تطلق العنان لشهيتها - خاصة وأن الزواج يواكبه الاستقرار النفسي والتفنن في إعداد الأطباق الشهية للزوج الحبيب - فيزداد وزنها بشكل كبير، حتى تجد نفسها مضطرة لأن تخوض رحلة البحث عن وسيلة للتخلص من هذه الزيادة .. مرة لدى العطارين ومرة بإجراء عمليات شفط الدهون المتراكمة.
لكن المرأة الذكية هي التي لا تترك مسؤوليات عملها واهتمامها بأولادها وزوجها وبيتها تطغى على الاهتمام بنفسها ووزنها.
- الكاتب:
اسلام ويب ( د/ خالد سعد النجار ) - التصنيف:
المركز الإعلامي