هذا هو الدور السادس من الأدوار التي مرت بها علوم الحديث ، وقد امتد من القرن العاشر إلى مطلع القرن الهجري الحالي ، واتسم بالركود والجمود ، وتوقف فيه الاجتهاد في مسائل العلم والابتكار في التصنيف ، وكثرت المختصرات في علوم الحديث شعرًا ونثرًا ، وانشغل الكتاب بمناقشات لفظية لعبارات المؤلفين ، دون الدخول في عمق الموضوع تحقيقًا أو اجتهادًا ، ومن المؤلفات في هذا الدور:
1. المنظومة البيقونية : لعمر بن محمد بن فتوح البيقوني الدمشقي ، المتوفى سنة (1080هـ) ، في ست وثلاثين بيتًا ، وتمتاز عن غيرها من المنظومات المختصرة بعذوبة النظم وسهولة العبارة ، حتى إنها لتصلح مذكرة للطالب في هذا العلم ، وقد وضعت لها شروح كثيرة .
2. توضيح الأفكار : للصنعاني محمد بن إسماعيل الأمير ، المتوفى سنة (1182هـ) ، وهو كتاب حافل مفيد .
3. شرح " نزهة النظر على نخبة الفكر " : للشيخ علي بن سلطان الهروي القارىء ، المتوفى سنة (1014هـ) ، ويعرف كتابه هذا باسم شرح الشرح ، وهذا الكتاب الأخير لم يخل من فوائد في أبحاثه لغزارة علم مؤلفه رحمه الله .
وقد شهدت هذه الفترة نهضة للحديث في ديار الهند ، كانت على مستوى عال في البحث والعلم وذلك على يد العلامة الإمام المحدث شاه ولي الله الدهلوي المتوفى سنة (1176هـ) ثم على يد أولاده وأحفاده ، ومن تخرج على طريقته ومدرسته ، فاشتغلوا بعلم السنة عن غيره من العلوم ، وجاء تحديثهم حيث يرتضيه أهل الرواية ويبتغيه أصحاب الدراية .
وها هي الكتب الحديثية والشروح الكبيرة تردنا من تلك الديار وفيها شاهد صدق على ما نهضوا به في هذا العلم ، وما قدموه من خدمات جليلة .
ومهما يكن من الأمر الذي كان عليه التأليف في هذا الدور ، فإن العلماء لم يتوقفوا أبدًا عن البحث في الأسانيد ، وتمييز الأحاديث المقبولة من المردودة ، وهذه شروحهم لكتب السنة وتآليفهم الكثيرة تقوم بالواجب المطلوب ، ألا وهو تمييز الحديث الصحيح والحسن عن غيرهما ، ونفي الكذب عن الحديث ، مع الجهد المشكور في شرح الحديث النبوي .