تشير كل الدراسات والأبحاث إلى أن مشاهدة الأطفال للأفلام وبرامج الأطفال، وجلوسهم أمامها لفترات طويلة له آثار سلبية كثيرة، نفسية وثقافية ودينية وأخلاقية؛ خصوصا إذا علمنا أن معظم هذه الأفلام والبرامج مستوردة من بلاد تختلف في ثقافتها ودينها ونمط حياتها عن ثقافتنا وديننا ونمط حياتنا وأخلاقنا.
ويكفي أن نشير هنا إلى أن دراسة متخصصة أجريت في هذا المجال أثبتت أن ما يزيد عن تسعين بالمائة من هذه المنتجات هي صناعة أمريكية.
وقد أكدت كل الأبحاث العلمية وأثبتت مدى تأث الطفل المتلقي لهذه المتنتجات وكلما زادت فترة المشاهدة زادت درجة التأثير.
وقد كتب الأستاذ حسن بن محمد الشمراني حول هذا الموضوع بحثا جيدا بين فيه بعض التأثيرات السلبية على الأطفال نتيجة مشاهدة هذه الأفلام خاصة ما يتعلق بالعنف ويدور حوله:
فذكر من هذه السلبيات: تقليد مشاهد العنف، وضعف القدرة على السيطرة على العواطف والانفعالات، وتثبيت القناعات بأن العنف هي وسيلة فعالة لحل المشكلات، ومنها أيضا اختلال القيم وموازين الأخلاق، وأخيرا ضعف الإحساس وربما تبلده لكثرة ما يرى من مشاهد العنف.
أسس اختيار برامج الأطفال:
وكمحاولة للتخفيف من أثار هذه المشاهدات وضع الكاتب أسسا لاختيار البرامج التي يجلس أمامها أطفالنا فقال:
هناك مجالات واسعة تغني الأطفال ثقافياً، وتثري حياتهم، وتزيد في متعتهم، فالقصص، والحكايات، والمسرحيات، والشعر الإسلامي، والأخبار، والمسابقات، والألعاب الفردية والجماعية، وسير الأبطال والمبدعين كلها تتيح لثقافتهم أن تنمو وتتبلور، وتسهم في تنمية قدراتهم اللغوية، والعاطفية، والاجتماعية، والنفسية، وتشارك في تربيتهم الخلقية، ونتيجة لهذا فإن من المستحسن أن تلتزم برامج الأطفال ببعض الأسس التي منها:
1- استخدام المؤثرات البصرية والحيل السينمائية بما يتفق ومراحل نمو الأطفال؛ ولكي تشيع الحركة والحيوية في البرنامج كله.
2- استخدام اللغة العربية الفصيحة السهلة التي تناسب قدرة الأطفال اللغوية؛ وأن لا تستخدم اللهجة المحلية إلا في أضيق نطاق.
3- انتقاء الموضوعات الخيالية بحذر ودقة لتنمية الخيال التكويني لدى الأطفال بما لا يتيح المجال للجنوح إلى مستوى التوهم والخيال الهدام.
4- ينبغي أن لا تكون الإثارة التي تتميز بها البرامج طاغية إلى الحد الذي يؤدي إلى لفت انتباه الأطفال واجتذابهم إلى مستوى الانقياد.
5- الابتعاد عن الأسلوب الخطابي والتعليمي، وأن يكون هناك لونان من البرامج على الأقل: لون للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين (3-6) سنوات، ولون آخر لمن هم بين(6-12) سنة.
6- أن تتضمن البرامج ما ينمي عواطف الطفل وتهذيب ضميره وانفعالاته، وتنمية حب الوطن، وحب القادة والعلماء والمبدعين، وحب العمل الخلاق.
دور الأسرة في الاختيار
يأتي دور الأسرة هنا إضافة إلى واجب التنشئة السليمة والتربية الإسلامية الصحيحة كموجه لاختيارات الطفل وكمراقب لتصرفاته وسلوكياته، وذلك امتثالاً لقول الله - تعالى -: (يأيها الذي أمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) ، وكذلك قوله – صلى الله عليه وسلم-: [كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها].
فالأسرة عليها دور كبير في كيفية تنظيم استخدام هذا الجهاز الخطير، ولعل من أهم الطرق المساعدة على ذلك هي:
1- يجب على الوالدين أن يوضحا لأبنائهما أهداف ومعاني مشاهداتهم؛ بدلاً من تركهم يحصلون على تلك المعلومات من مصادر أخرى.
2- ينبغي على الأسرة أن تضع برنامجاً دقيقاً ومنظماً للأطفال يتعلق بأوقات وساعات مشاهدة برامج التلفزيون بحيث لا يؤثر على ساعات نومهم.
3- يجب على الأسرة أن تحدد نوعية البرامج التي يمكن للأطفال مشاهدتها، وكذلك البرامج التي لا يجور للوالدين والأبناء مشاهدتها، وخصوصاً تلك التي تعتمد على الإثارة الجنسية، واستثارة دوافع العدوان والعنف لدى الإنسان.
منهجية المشاهدة:
وفي الختام: فإنه يجب أن تكون هناك منهجية واضحة تتبع عند مشاهدة الأطفال للتلفزيون، ومن أهم نقاط هذه المنهجية ما يلي:
1- يجب أن تكون برامج التلفزيون مجرد شكل واحد من الأشكال الكثيرة للنشاطات التي يمارسها الطفل في وقت فراغه وراحته، فمتى ما احتل التلفزيون المكان الصحيح والمناسب له بين نشاطات وفعاليات وقت الفراغ لدى الطفل فإنه سيكون شيئاً نافعاً ومفيداً، وعليه فإن التلفزيون سيصبح اهتماماً إضافياً ومكملاً يستخدمونه وقت فراغهم.
2- انتقاء البرامج التي يشاهدها الأطفال من بين جميع البرامج والمواد التي يقدمها التلفزيون، وبموجب هذه المبدأ يجب على الآباء أن يختاروا لأطفالهم البرامج التي يشاهدونها بطريقة مدروسة، وتوجيههم قبل كل شيء لمشاهدة البرامج المناسبة لسنهم، وذلك للحد من أن تكون رغبات واهتمامات الطفل هي الجهة الوحيدة التي تحدد وتتحكم في مشاهدة الطفل للتلفزيون، وبهذا نرى أن منهجية مشاهدة الأطفال للتلفزيون تقع بكاملها في أيدي الأبوين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من مقال للأستاذ حسن محمد الشمراني