عرف المتخصصون الإعلام بتعاريف عديدة تكاد تنتهي إلى معان متقاربة، نقلها عنهم الأستاذ عبد الحليم عويس فقال:
إن الإعلام هو: "العلم الذي يدرس اتصال الإنسان اتصالاً واسعاً بأبناء جنسه... اتصال وعي وإدراك، وما يترتب على عملية الاتصال هذه من أثر ورد فعل، وما يرتبط بهذا الاتصال من ظروف زمانية ومكانية وكمية ونوعية".
وثمة تعريف آخر للإعلام، أو علم الاتصال يرى أن علم الاتصال بالجماهير: "هو العلم الذي يدرس الظاهرة الاجتماعية المتمثلة في اتصال الجماهير ببعضها بعد دراسة منظمة، والتي لا يمكن أن تعيش بدونها أية جماعة إنسانية أو منظمة اجتماعية.
وقد حظي تعريف (أوتوجرت الألماني) باحترام الدارسين، فقد عرف الإعلام بقوله: "هو التعبير الموضوعي لعقلية الجماهير ولروحها وميولها واتجاهاتها في الوقت نفسه".
وقد عرَّفه الدكتور عبد اللطيف حمزة بقوله: "هو تزويد الناس بالأخبار الصحيحة، والمعلومات السليمة، والحقائق الثابتة، التي تساعدهم على تكوين رأي صائب في واقعة من الوقائع أو مشكلة من المشكلات، بحيث يعبر هذا الرأي تعبيراً موضوعياً عن عقلية الجماهير واتجاهاتهم وميولهم".
وظائف الإعلام المعاصر:
ونستطيع القول بأن الوظائف المعاصرة للإعلام يمكن النظر إليها نظرة جديدة تعتمد على التوسع الذي طرأ علي وظائف وسائل الإعلام، وعلى تطور الخدمة الإعلامية في المجتمعات المعاصرة.
ومن النظر لتطور وظائف الإعلام المعاصر يمكن أن نحصرها في الوظائف التالية:
1- الوظيفة الإخبارية.
2- وظيفة التنمية.
3- الوظيفة التربوية.
4- وظيفة الشورى أو الوظيفة الديمقراطية.
5- الوظيفة الترفيهية.
6- الوظيفة التسويقية أو وظيفة الإعلانات.
7- وظيفة الخدمات العامة.
وإذا أردنا أن نقارن بين الإعلام بمعناه العام، وبين الإعلام في المفهوم الإسلامي، وذكر المشتركات بين الإعلامين، فلابد أن نقرر في البداية قاعدة هامة وأصيلة وهي أن الإعلام بالمعنى العام يخضع للتوجيه الوضعي، بينما يخضع (الإعلام الإسلامي) للتوجيه الديني.
ومع ذلك فثمة أرضية مشتركة بين الاعلامين، وثمة فروق أيضاً.
والذي نريد أن نخصه بالذكر هنا أن الإعلام بمعناه العام، وفي إطاره الإسلامي قد التقيا في الوظائف السابقة، مع وجود ضمانات وضوابط أكثر في الإعلام الإسلامي، فيما يتصل بمفاهيم هذه الوظائف، كما يلتقي الإعلامان أيضاً في النشاط الذي يمارسه الإعلام من خلال سمات أو صفات ضرورية تجعله إعلاماً بناء لا هداماً.
وأبرز هذه الصفات والخصائص الإعلامية المشتركة ما يلي:
1- تزويد الناس بالأخبار الصحيحة.
2- المعلومات السليمة.
3- الحقائق الثابتة، وذلك لتكوين رأي عام حول هذه المعلومات.
4- الموضوعية والواقعية والحياد.
5- التعبير عن عقلية الجماهير واتجاهاتها أو ميولها العقلية والتوافق مع احتياجاتها.
6- الوضوح، عكس الغموض. والقدرة على التعامل- والسمو - بالروح الاجتماعية والتقاليد السائدة.
7- الصراحة، لأنها تقنع القارئ أو المستمع أو المشاهد.
8- الدقة التي توجب التوثيق. فيجب ذكر المصادر في كل حالة.
9- الصدق في صياغة الأخبار وطرحها.
10- التنوير أو التثقيف للأمة.
11- مخاطبة العقول لا الغرائز.
ويلتقي الإعلام بمعناه المطلق، والإعلام الإسلامي - بالضرورة - في أركان العملية الإعلامية باعتبارها ظاهرة اجتماعية وهي:
المرسل أو المصدر (source)، الرسالة ( message )، الوسيلة (media )، المستقبل أو المتلقي (reciver)، التأثير ( effect )، رد الفعل (feed back).
فهذه الأركان تمثل الهيكل العضوي الضروري للعملية الإعلامية، ولا يستطيع الإعلام أن يتخلى عن واحد من أعضائها.. فكلها كالجسد الواحد القائم على التشابك والتناسق.
صفات رجل الإعلام
أما رجل الإعلام وهو المرسل أي الشخص الذي يقوم بمهمة إعداد الرسالة الإعلامية وإصدارها من خلال أية وسيلة إعلامية... رجل الإعلام هذا يجب أن يمتلك مواصفات ضرورية وهي:
1- أن يمتلك قدرا من الموهبة في مجال الإعلام.
2- أن يكون على قدر كاف من الخبرة المهنية علي أساس علمي.
3- أن يكون على قسط وافر من الثقافة العامة.
4- أن يكون متفهما لقضايا المجتمع الداخلية والخارجية.
5- أن يملك القدرة على التكيف في مخاطبة الجماهير.
6- أن يكون الإعلامي شخصية أخلاقية.
7- أن يكون مؤمنا بسموّ رسالته.
ولا خلاف بين الإعلام الإنساني العام، والإعلام الإسلامي الخاص في أهمية تحقق هذه الشروط في رجل الإعلام إنها شروط أساسية ضرورية لكل إعلامي، وثمة شروط أخري تضاف إليها في رجل الإعلام المسلم المؤمن بعقيدة التوحيد وبالشريعة الإسلامية، وبالرسالة الحضارية نحو الإنسانية.
ومع ذلك فنحن - للأسف - نجد كثيراً من الإعلاميين يبيعون أنفسهم للنظم الفاسدة حول العالم، فيتجهون حسب مقتضيات الوظيفة.. بل إننا نجد ما هو أدهي، وهو وجود دول تفرض على رجل الإعلام، أن يكون ظلاً لها، بلا رأي، ولا شخصية، وقد تحاسبه حسابا عسيراً على أية جملة ينطق بها لا ترضيها. وليس شرطا أن تكون دولة صغيرة متخلفة عن ركب الحضارة، وإنما أيضا هناك دول كبيرة تفرض على رجل الإعلام أن يقول ما تشاء، وأن يمتنع عن ذكر الحقائق التي يعرفها، وذلك مثلما رأينا الإعلام الأمريكي الموجه، أثناء حروب أفغانستان والعراق وحرب غزة. كما أننا نلحظ تبعية الإعلام في بعض الدول الكبرى خاضعا لتحكم اليهود والصهيونية العالمية نظرا لتحكمها في أكبر وأوسع وأكثر بوابات الإعلام حول العالم.
وعموما.. وأيا ما كان الأمر؛ فإننا نجد تشابها كبيراً بين الإعلام الإنساني، من الناحية التنظيرية، وبين الإعلام الإسلامي.
أما الظروف التي لا تسمح بالالتزام، والتي تفقد العملية الإعلامية بعض أركانها، لاسيما في ركنيها الكبيرين وهما: المرسل والرسالة، هذه الظروف يجب أن تقاوم من كل العالم، حتى يعود للإعلام مصداقيته، ويحقق رسالته، وهي رسالة محلية وعالمية معاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* بتصرف يسير